• العنوان:
    لماذا تختلف ثورة 21 سبتمبر عن غيرها من الثورات اليمنية؟
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    مسيرة متجددة وعهدٌ جديد. إنها تختلف في فلسفتها وأبعادها ومقاصدها عن كُـلّ ما سبقها، لأنها بنت نفسها على أَسَاس متين: الإيمان بالله، والولاء للوطن، والرفض المطلق للذل.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

في تاريخ اليمن الحديث، تعددت الثورات وتنوعت أهدافها، لكن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة تقف شامخةً كاستثناء فريد ونموذجٍ متفرّد، لا لمُجَـرّد كونها انتفاضة ضد ظلمٍ عابر أَو فسادٍ طارئ، بل لأنها كانت نهضةً قرآنيةً شاملة، وتصحيرًا كاملًا للوعي، وأسست لمرحلةٍ جديدةٍ من عمر اليمن والأمة؛ مرحلة رفضت أن تكون أسيرةً لإرادَة الغزاة، أَو رقمًا في معادلة القوى الدولية.

إن أبرز ما يميز هذه الثورة الخالدة هو مرجعيتها القرآنية المتجذّرة. فبينما استمدت الثورات السابقة -بكل إجلال لها- شرعيتها من الأيديولوجيات الوافدة، سواءً كانت قوميةً عربية أَو جمهوريةً علمانية، انطلقت ثورة سبتمبر من أعماق الروح اليمانية الأصيلة، المستلهمة من كتاب الله وسنة نبيه، والمفعمة بحب الشهادة في سبيل العزة والكرامة. لقد كانت تجسيدًا عمليًّا لقول الله تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾. إنها ثورةٌ جعلت من "نصرة الله" شعارًا وجوديًّا، ورفضت أن تكون أدَاة في مشاريع التطبيع والهيمنة، مؤكّـدةً أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

الاختلاف الجوهري الثاني يكمن في الهدف الاستراتيجي والمشروع الحضاري. لقد كانت الثورات السابقة -في غالبيتها- ردود فعل على أوضاع داخلية، تهدف إلى تصحيح مسار أَو إزالة نظام. أما ثورة سبتمبر، فقد جاءت لقلب المعادلة الإقليمية برمتها. إنها لم تكن ثورة ضد حاكمٍ محلي فحسب، بل كانت إعلانا صريحًا للحرب على مشروع الهيمنة الأمريكي - الصهيوني على المنطقة. إنها ثورة التحرّر الكامل من عقدة التبعية، رافعةً شعار: "الموت لأمريكا والموت لإسرائيل" ليس كصيحة عاطفية، بل كخيار استراتيجي يضمن سيادة القرار ويصون الثروات ويحفظ الكرامة.

أما الاختلاف الثالث والأهم، فيتمثل في العمق الشعبي والصمود الأُسطوري. فبينما كانت بعض الثورات السابقة محصورةً في نطاق نخبوي أَو جغرافي ضيق، فإن سبتمبر هي ثورة القرى والمدن، ثورة الجبال والسهول، ثورة كُـلّ اليمنيين الذين انكسرت أقفال قلوبهم على أعتاب المساجد. لقد أثبتت، عبر سنوات من أعتى عدوان عرفه التاريخ، أنها ظاهرةٌ شعبيّة لا يمكن قهرها. لقد صمدت لأنها نابعة من إيمان راسخ، وليس من مناورة سياسية، وتقاتل اليوم بعزيمة أسلافها الأوائل الذين قالوا: "الموت خير من الحياة في العبودية".

ختامًا، فإن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لم تكن مُجَـرّد لحظة تاريخية، بل هي مسيرة متجددة وعهدٌ جديد. إنها تختلف في فلسفتها وأبعادها ومقاصدها عن كُـلّ ما سبقها، لأنها بنت نفسها على أَسَاس متين: الإيمان بالله، والولاء للوطن، والرفض المطلق للذل. إنها المسيرة التي أعادت للأُمَّـة كبرياءها، وهي التي ستواصل، بعون الله، حتى تتحرّر كُـلّ أرض العرب والمسلمين، وتُرفع راية "لا إله إلا الله" خفاقةً عالية.


خطابات القائد