• العنوان:
    معركة الاقتصاد التي لا تُحسم إلا بشراكة الدولة والقطاع الخاص والمجتمع
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    لا استقرار اقتصادي بلا استقرار تمويني، ولا قوة سوقية بلا ضبط للتجارة الداخلية؛ فهما خط الدفاع الأول للأمن الغذائي وحماية المجتمع من تقلبات الأسعار. وفي ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، بات تأمين السلع الغذائية والاستهلاكية، وضمان انسيابها بعدالة وجودة واستقرار، معركة لا تقل أهمية عن أي معركة سياسية أو عسكرية، لأنها تتصل مباشرة بقوت المواطن وكرامته.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

لقد أدركت حكومة التغيير والبناء أن الأمن الغذائي ليس رفاهية، بل شرط أساسي لاستقرار الدولة وتعزيز ثقة المواطن بقدرتها على إدارة أزماته. ومن هنا جاء تركيزها على ضبط حركة التجارة الداخلية وتفعيل المرجعيات القانونية واللوائح المنظمة لها، باعتبارها أداة لضبط السوق ومنع الاحتكار والاستغلال، وتعزيز بيئة تنافسية عادلة بين التجار والمستثمرين.

إن الاستقرار التمويني لا يعني مجرد وجود السلع في الأسواق، بل يتعدى ذلك إلى مراقبة أسعارها، ضمان جودتها، وتنظيم توزيعها بشكل عادل ومتوازن بين مختلف الشرائح الاجتماعية. ومن هنا، فإن الرقابة على الأسواق هي السور الحامي للقوة الشرائية للمواطن، وهي الصمام الذي يمنع أي فوضى أو تلاعب ينعكس في صورة غلاء غير مبرر يرهق المجتمع.

ولأن الحكومة لا تستطيع وحدها خوض هذه المعركة، كان لا بد من شراكة فاعلة مع القطاع الخاص، بوصفه شريكًا محوريًا في سلاسل الإمداد والتوزيع. فكل تيسير في الإجراءات، وكل إصلاح في البيئة التشريعية والتنظيمية، يعني تشجيع الاستثمارات وتعزيز انسياب السلع في الأسواق. وهذا بدوره يعزز قدرة الدولة على مواجهة الأزمات، ويحوّل التحديات إلى فرص للنمو والتوسع الاقتصادي.

وفي هذا السياق، ترتكز السياسات الحكومية على أدوات عملية واضحة، تشمل آليات رصد دقيقة للأسواق، تحديد سقوف سعرية للسلع الأساسية، وضبط المخالفات عبر لجان مختصة تعمل ضمن مرجعية قانونية حازمة. كما يجري تعزيز قدرات الجهات الرقابية على متابعة عمليات التخزين والتوزيع، لضمان عدم حدوث نقص أو اختلال في حركة السوق، والحد من أي ممارسات احتكارية قد تهدد الأمن الغذائي.

لكن هذه السياسات لن تحقق أهدافها ما لم يكن المجتمع حاضرًا كشريك فاعل في حماية الاستقرار التمويني، سواء من خلال الالتزام بثقافة الاستهلاك الرشيد، أو عبر التبليغ عن أي مخالفات، أو حتى عبر تعزيز الوعي الجماعي بأن الأمن الغذائي ليس مسؤولية جهة واحدة، بل هو مسؤولية مشتركة تتطلب تعاون الدولة والقطاع الخاص والمجتمع معًا.

وفي النهاية، يمكن القول إن معركة استقرار التموين وضبط التجارة الداخلية ليست مجرد سياسة اقتصادية، بل هي معركة سيادة وكرامة، لأن من يملك غذاءه يملك استقلال قراره. وحكومة التغيير والبناء حين تضع هذه القضية في صدارة أولوياتها، فإنها تؤسس لاقتصاد وطني صلب لا تهزه الأزمات، واقتصاد يقوم على شراكة واعية بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع، شراكة لا تُحسم من دونها أي معركة اقتصادية حقيقية.


خطابات القائد