• العنوان:
    ثورة 21 سبتمبر.. إرادَةُ شعب وسيادةُ وطن
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    شهد اليمن في الـ21 من سبتمبر تحوّلًا وطنيًّا أعاد رسمَ ملامح الدولة والمجتمع، وأطلق مسارًا جديدًا يقوم على الاستقلال والسيادة. كانت نقطة البداية دعمًا شعبيًّا واسعًا خرج عن كُـلّ حسابات القوى الخارجية، فصارت الثورة فعلًا يمنيًّا خالصًا وقرارًا جمعيًّا لا يمكن نسبه إلى أي نفوذ إقليمي أَو دولي. هذا الزخم الشعبي منحها شرعية راسخة، وأكسبها قدرة على الصمود أمام الضغوط والتحديات.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

من أبرز ما أفرزته هذه الثورة إعادة بناء الجيش على أسس راسخة من العقيدة القتالية الإيمانية. فبعد أن تعرضت كوادره لعمليات اغتيال ممنهجة وتدخلات سعت إلى شل قدراته، استطاعت الثورة أن تعيد الثقة إلى المؤسّسة العسكرية، فتحوّل الجيش من قوة مهدّدة بالتفكك إلى درع يحمي السيادة ويقف في وجه العدوان. هذا التحول هو تأسيس وعي عسكري جديد يرى في الدفاع عن الأرض والإنسان مهمة مقدسة.

وفي موازاة ذلك، انطلقت برامج تهدف إلى تطوير القدرات الوطنية واستقطاب المهارات وصقلها. لم يقتصر الأمر على تدريب الأفراد بل شمل تحفيز بيئة الابتكار، فبرزت مبادرات علمية وصناعية وتقنية شقت طريقها رغم الحصار وشح الموارد. ومعها برزت سياسة واضحة للحد من الارتهان الخارجي؛ إذ باتت فكرة الاعتماد على الذات في التكنولوجيا والصناعة مشروعًا وطنيًّا تتبناه المؤسّسات والهيئات المختلفة.

سياسيًّا، مثّلت الثورة لحظة إعادة ترتيب لموازين القوى داخل الدولة. فبعد سنوات طويلة من الانقسام والهيمنة الخارجية، استعاد اليمنيون زمام قرارهم، وانطلقت عملية تصحيح سياسي جعلت القرار الوطني مستقلًا عن الوصاية وأعادت الاعتبار لمبدأ أن الحكم ينبع من الإرادَة الشعبيّة. وإلى جانب ذلك، جرى إطلاق برامج تعليمية وتوعوية تستهدف الأجيال الصاعدة، لتنشئة وعي وطني يرسخ قيم الانتماء والسيادة ويربط التعليم بمسؤولياته تجاه المجتمع والدولة.

ولأن التحديات الأمنية كانت ولا تزال من أخطر ما يواجه اليمن، فقد رافق هذه التحولات تعزيز غير مسبوق لقدرات الأجهزة الاستخباراتية والمراقبة الاستراتيجية. أصبح بالإمْكَان تتبع المخاطر الداخلية والخارجية بدقة، وجرى تطوير وسائل جمع وتحليل المعلومات لتكون متقدمة وقادرة على استباق المؤامرات قبل وقوعها. هذه النقلة وفرت مظلة أمان حقيقية لكل ما تحقّق في الميادين الأُخرى.

أحد أهم المنعطفات كان نقل بوصلة العداء إلى وجهتها الطبيعية، نحو أعداء الأُمَّــة الحقيقيين. فقد وضعت الثورة حدًا لحالة الالتباس التي كرستها القوى المتنفذة لعقود، وأعادت تعريف العدوّ بوصفه كُـلّ من يسعى إلى إضعاف الأُمَّــة والسيطرة على قرارها، وهو موقف استراتيجي انعكس على الخطاب السياسي والعسكري على السواء.

وفي الوقت نفسه تكشّفت خيوط عميقة للعمالة والتآمر كانت تستهدف قدرة اليمن على الردع والدفاع. فقد أظهرت الوثائق والشهادات كيف جرى تدمير منظومات الدفاع الجوي والصواريخ الباليستية بحضور عناصر نافذة مثل عمار عفاش وخبراء أمريكيين، في محاولة لإبقاء البلاد مكشوفة أمام أي عدوان. كشف هذه الحقائق كان خطوة وعي جماعي رسخت القناعة بضرورة امتلاك وسائل القوة وحماية مقدرات الوطن.

إن ما تحقّق في هذه المسارات المختلفة، من ترسيخ الاستقلال السياسي، وبناء جيش مؤمن بقدسيّة الأرض، وتطوير القدرات الوطنية، إلى إعادة تعريف العدوّ وكشف خيوط التآمر، يشكل لوحة واحدة متكاملة. إنها مسيرة شعب أراد أن يصنع حاضره بيده، ويؤسس لمستقبل لا يترك فيه قراره بيد غيره، مهما كانت التحديات.


خطابات القائد