• العنوان:
    السيد القائد.. غزة بوابة لمعادلة "الاستباحة الكبرى" للمنطقة بأسرها
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    المسيرة نت| عبدالقوي السباعي: جعل السيّد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- الأحداث الدامية في قطاع غزّة مدخلاً لقراءةٍ استراتيجية عميقة للمشهد الإقليمي، كاشفًا عن أبعاد أوسع وأشدّ خطورة لمعركة وجودية تهدف إلى إعادة صياغة شاملة للمنطقة تحت مظلّة (إسرائيل الكبرى) و"الشرق الأوسط الجديد".

ووضع السيّد القائد في خطابه اليوم، قطاع غزّة وسائر فلسطين في سياقهما الأوسع والأصوب، بوصفهما "بوّابة" ومفتاحًا للمشروع الصهيوني التدميري "الذي لا يستثني أحدًا"، موجّهًا تحذيرًا شديدًا إلى جميع العواصم العربيّة والإسلاميّة التي لا تزال تتغافل وتتعامى عن حقيقة التهديد.

ويقرأ النوايا الصهيونية قراءةً مغايرةً لما يُتداول في الإعلام التقليدي، ليؤكد للأمة أنها ليست مجرد مساعٍ لترسيخ الاحتلال وتوسيع النفوذ أو تأمين الحدود؛ بل هي خطة محكمة لـ"السيطرة الكاملة على جميع أرض فلسطين" ثم الانتقال فورًا إلى مرحلة "ما وراءها"، والشواهد لم ينقشع غبار دخانها عن الأرض بعد.

رؤيةٌ استراتيجيةٌ تجعل "لبنان وسوريا والأردن ومصر والعراق أهدافًا قائمةً وأكيدة للمؤامرات الصهيونية"، رابطًا ذلك بشكلٍ مباشرٍ ومزلزل؛ فكل ما يجري في غزة مرتبط بالتهديدات الوجودية التي تواجه هذه الدول والمنطقة بأسرها، ومعتبرًا أن من يظن أن الصراع يقتصر على غزة فقط؛ "فهو مخطئ؛ فالمشروع الصهيوني لا يعرف حدودًا".

المثير في خطاب السيد القائد هو تحليله للعلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني؛ إذ تجاوز مفهوم الدعم السياسي أو الاقتصادي المعتاد، ليؤكد أن الأمريكيين ليسوا مجرد مؤيدين؛ بل هم شركاء في المشروع الصهيوني "انطلاقًا من خلفيةٍ عقائدية".

وكم ترددت في وسائل إعلامهم وعلى ألسنتهم أنها "مسؤولية دينية مقدسة" من منظورهم، ما يدل على أن الدعم ليس مجرد مناورة سياسية قابلة للتبدل؛ بل هو التزام وجودي قائم على معتقدات راسخة.

ولهذا رأى القائد أن التعويل على الموقف الأمريكي إنما هو "سراب"، وأن واشنطن شريك كامل في "ترسيخ معادلة الاستباحة الظالمة"، ناسفًا أي أمل في أن تتحول الإدارة الأمريكية إلى وسيط عادل أو ضامن للحقوق الفلسطينية.

ويطرح السيد القائد مفهومًا حاسمًا قد أكّد عليه في أكثر من خطاب، وهو "معادلة الاستباحة"، التي يسعى العدوّ إلى ترسيخها حتى تصير قاعدة عامة لا تستثني بلدًا عربيًّا أو إسلاميًّا؛ فإن الهجوم على قطر لم يكن حادثة عابرة؛ بل كان انتهاكًا لسيادة قطر واستباحة لدماء القطريين، وهي رسالة تحذيرية إلى جميع دول الخليج، مفادها أن الكيان الصهيوني "لا يُقيم وزنًا لأي سيادة أو حق"، حتى وإنّ تحالفت معه.

خطابٌ يفضح "الغباء الشديد" الكامن في مواجهة هذه "البلطجة والعربدة" الصهيونية بـ"بضعة أسطر" من الإدانة، وهو نقد لاذع للأنظمة التي تكتفي بالبيانات وتحرص على "دقة العبارات" لئلا تجرح مشاعر العدوّ، في حين أنه يستهدف أمنها وسيادتها استهدافًا مباشرًا.

وبأسلوبٍ حاسم، يصفُ السيد القائد مسار السلطة الفلسطينية بأنه "ضياع"، وأنه "لا جدوى فيه أبداً"، مشيرًا إلى العقوبات الأمريكية ومنع رئيس السلطة من حضور اجتماع الأمم المتحدة، لا تهدف هذه الإجراءات إلى تسليط الضوء على فشل هذا المسار فحسب؛ بل تؤكد أيضًا أن الكيان الصهيوني لا يمنح الفلسطينيين حتى "أدنى الحقوق"، فكيف يمنحهم دولة؟ 

هذا النقد اللاذع يرمي إلى توجيه بوصلة الصراع نحو الخيار الوحيد الذي يراه القائد ناجعًا، وهو مسار الجهاد والمقاومة، مشيدًا بـ"التعاون بين المجاهدين بمختلف فصائلهم في قطاع غزة" بوصفه نموذجًا عظيمًا ومهمًا ينبغي الاقتداء به.

وكوثيقةٍ استراتيجية ونداء موجه، جاء خطاب السيد القائد، يدعو الأمة إلى اليقظة من غفلتها، ويحذر من أنّ ما يجري في غزة إنما هو مقدمة لما قد يحدث في أي عاصمة عربية أخرى، مؤكّدًا أنه إذا لم تُتخذ مواقف عملية وفعلية تتجاوز مجرد التصريحات والبيانات؛ فإن "معادلة الاستباحة" الصهيونية ستظل تتوسع، وستجد الأمة نفسها عاجزة ومُستباحة.

وعليه؛ فإن انتهاج طريق الجهاد والمقاومة كخيار وحيد للدفاع عن وجود الأمة وكرامتها في ظل مشروع صهيوني أمريكي غربي تدميري لا يرحم، وردع كل توجهاته، هو جوهر ما يدعو إليه السيد القائد ويتبناه، مشدّدًا على تجاوز الخلافات وتفعيل مبدأ الوحدة والتضامن في مواجهته.


خطابات القائد