• العنوان:
    ربيع الشهداء.. تجسيدٌ لذروة الربيع الإيماني
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    تتجلّى في كلمة السيد القائد عبارة: "شعبنا يكفيه أنه في ذروة العزة الإيمانية، لا يعيش حالة الخزي التي يعيشها المتخاذلون واليائسون والمستسلمون والموالون للأعداء".
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

تاريخ اليمن هو تاريخُ أُمَّة عريقة، صمدت أمام المحن بصلابة وإرادة لا مثيل لها. فمنذ الأزمنة القديمة، كانت اليمن منارة للعلم والثقافة، وقد اختارت أن تكون في طليعة التضحيات، حيث قدّمت في ربيعها المحمدي نخبة من قادتها شهداء، سقطوا في غارة غادرة قامت بها قوى الظلم، استهدفت تجمعًا لأشخاص اجتمعوا للبحث في سبل النهوض بشعبهم الذي أرهقته الأزمات والمحن. لم يكن اجتماع هؤلاء القادة للترف الفكري أو للتسلية، بل كان هدفهم النهوض بحالة الشعب اليمني وتمكينه من مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي فرضتها ويلات الحروب عليه.

إن ما يميز ربيع شهدائنا أنه يأتي متزامنًا مع المولد النبوي الشريف، ليكون تذكيرًا بأن تضحيات القادة اليمنيين لم تكن إلا امتدادًا لسيرة نبوية عظيمة مملوءة بالتضحيات ونشر القيم السامية. إن الجمع بين هاتين المناسبتين الروحانيتين يمنح الشعب اليمني طاقة جديدة، تعزز من عزيمته، وتحفّزه على المقاومة والإصرار على النضال ومقاومة الطغاة.

تحمل تضحيات الشهداء معاني متعددة، لكنها جميعًا تتكثّف في بوتقة واحدة من الإيمان الراسخ بقضية مقدسة. ومن هذا المنطلق، تأتي قصة القادة اليمنيين الذين استشهدوا في الغارة الصهيونية خلال ورشة عمل تدرس قضايا المجتمع اليمني وتناقش سبل النهوض بشعبه. لم تكن تلك الغارة مجرد استهداف لأفراد بعينهم، بل كانت محاولة لوقف مساحة الفكر والابتكار في معالجة التحديات التي تواجه الشعب اليمني.

إن تضحيات القادة الشهداء اليمنيين على مذبح القدس لهي شعلة مضيئة تضيء دروب النضال من أجل الحرية والانعتاق من براثن التبعية والخذلان التي تعيشها كثير من الشعوب والأنظمة، وهي شهادة حيّة على أن قضية فلسطين والقدس محفوظة في قلوب أبناء اليمن وغيرهم من المؤمنين بها في كل مكان وزمان. فالتاريخ قديمًا وحديثًا يعيد نفسه للتأكيد على أن الشهداء هم الوقود والمحرك لأي نهضة. فمواقفهم البطولية تبقى على الدوام مصدر وحي للمؤمنين بقضاياهم العادلة. وتجسّد تضحياتهم أعظم قيم البذل والعطاء، مُذكرةً إيّانا أن الربيع الحقيقي للأمم لا يتحقق إلا بإعادة الحقوق لأصحابها ودحر الظالمين عن أرضهم.

وفي محاولة لفهم مغزى تلك الأسماء التي تطاولت في سماء الخلود، يجب علينا النظر إلى أهميّة القضايا التي عملوا عليها. لقد كانوا يسعون بكل إصرار إلى إيصال شعبهم إلى حالة من الاكتفاء والتقدم، بعيدًا عن السطحية والجمود. ولقد كان تهديدهم للكيان الصهيوني ليس عبر القوة العسكرية فحسب، بل عبر الفكر والتخطيط المستقبلي الذي يزلزل أركان الظلم بالفكر الناضج والعقول المستنيرة.

في ظل هذه الظروف، يتجدد الأمل لدى الشعب اليمني، وتزداد القناعة بأن درب الشهداء هو الذي يصنع المستقبل المشرق للأُمَّة. إن الشباب والشيوخ والنساء والأطفال في اليمن يرون في ربيع شهدائهم من القادة دعوةً للمزيد من الصمود وبذل الجهود الجماعية لتحقيق التغيير المنشود. إن التضحيات التي قدّمها هؤلاء الشهداء تؤكّد أن اليمنيين ماضون في نضالهم ووقوفهم المستمرّ مع القضايا المركزية، التي من أهمها نصرة الشعب الفلسطيني وتطهير بلادهم من جميع أشكال الاستبداد، وخلق مستقبل يليق بأجيالهم القادمة.

إن ربيع الشهداء هو رمز حيّ لذروة الربيع الإيماني، حيث تتلاقى التضحيات مع القيم النبوية في وحدة هدفها: تحرير الإنسان من أغلال الظلم، وإرساء عالم يقوده العدل والسلام. إن ما قُدّم من تضحيات هو دعوة مفتوحة للأُمَّة الإسلامية والعالم بأسره للاستيقاظ والعمل سويّة لبناء مستقبل يتسم بالحرية والعدالة والكرامة لكل شعوب الأرض.


خطابات القائد