• العنوان:
    تاريخ الرسالة.. قراءة تحليلية في جذور التحريف والنقص في السيرة النبوية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    خاص| المسيرة نت: في الحلقة الرابعة من سلسلة "تاريخ الرسالة" التي تبثها قناة المسيرة، واصل الدكتور خالد القروطي تقديم مشروعه الفكري المعمّق، الهادف إلى إعادة قراءة السيرة النبوية للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بوصفها منهجًا إصلاحيًا شاملًا قادراً على إنقاذ واقع الأمة من التمزق والانهيار، إذا ما أعيد تقديمها بصورتها الأصيلة المتجذرة في القرآن الكريم، بعيداً عن التشويه والتحريف والتقصير الذي طالها عبر العصور.
  • التصنيفات:
    ثقافة
  • كلمات مفتاحية:

واستهل الدكتور القروطي الحلقة أمس الأول، بالتأكيد على ضرورة فهم الخلفية التي انطلقت منها هذه السلسلة، مشيرًا إلى أن هذه الحلقة قد تكون خاتمة للمقدمات، قبل الدخول الفعلي في عرض تاريخ الرسالة النبوية، مركزاً في بداية حديثه على أخطر العوامل التي أثرت على السيرة النبوية، وهو التحريف والتشويه المتعمد، مبيناً أن التأثير "الصهيوني اليهودي" على التراث الإسلامي بدأ مبكرًا جدًا، مشيرًا إلى أن دخول "الإسرائيليات" إلى التفسير، والحديث، والسير والمغازي، بل حتى في كتب السيرة النبوية، أدى إلى تصورات مغلوطة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته.

وأكد أن التحريف لم يقتصر على أعداء الإسلام، بل تسلل إلى كتب المسلمين أنفسهم من خلال القصاصين والوضاعين، ثم أعيد إنتاجه اليوم عبر وسائل الإعلام، التي باتت المصدر الرئيسي للمعرفة عند أمة لا تقرأ، بحسب تعبيره.

وفي سياق حديثه عن النقص الكبير في السيرة، يتناول الدكتور القروطي ما وصفه بـ"الفجوة التاريخية"، موضحًا أن ما كُتب عن حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة، والتي امتدت لأكثر من أربعين عامًا، لا يتعدى بضع حوادث، كحادثة الفيل، وحلف الفضول، وبناء الكعبة، وهو ما يُظهر تغييبًا متعمدًا أو إهمالًا كبيرًا لتوثيق مسيرة نبوية حافلة بالتأهيل الرباني والإعداد الرسالي.

وأشار أيضًا إلى أن الفترة ما بين البعثة والهجرة، وكذلك فترة إقامة الدولة في المدينة، تعاني من نقص واضح، خصوصًا في الجوانب الاقتصادية والعسكرية والسياسية، ما جعل الكثير من المسلمين يجهلون كيف أدار النبي صلى الله عليه وآله شؤون دولته ومجتمعه، مكتفين بالمعلومات المتكررة عن عدد الغزوات والسرايا.

وسلّط القروطي الضوء على التغييب شبه تام للدور اليهودي في مكة قبل الهجرة، رغم ما يُظهره القرآن من معرفتهم بالنبي قبل مبعثه، وما يشير إليه من خطرهم المتكرر على الرسالة، مؤكدًا أن هذا الغياب في كتب السيرة يثير التساؤلات حول طبيعة التوثيق والتدقيق في تلك المرحلة المفصلية.

وانتقد الدكتور القروطي الطريقة التي تُدرّس بها السيرة النبوية في المناهج المدرسية والجامعية، واصفًا إياها بالسطحية والمجتزأة، إذ تركز على كم معركة خاضها النبي، وعدد المشاركين فيها، دون الوقوف على المعاني والعبر والدروس الإصلاحية في هذه المواقف، مؤكداً أن مثل هذا الطرح لا يحقق الغاية من التأسي بالنبي ولا يساعد على بناء وعي عملي برسالته، بل يُسهم في فصل الأمة عن نبيها شعوريًا ووجدانيًا.

وفي معرض تحليله للأسباب التي أضعفت الارتباط بالنبي، أشار القروطي إلى الحرب الإعلامية الناعمة التي يقودها أعداء الأمة، باستخدام وسائل التواصل الحديثة، بهدف تشويه سيرة النبي وتقديم صور مشوهة ومهزوزة عنه، مقابل تسويق قدوات زائفة لشباب الأمة، ما أفرغ الساحة من النماذج الرسالية المؤثرة.

وأدان الدكتور القروطي ما وصفه بـ"التيار الذي يحارب تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم"، ويجرّم كل مظاهر التقدير والإجلال لشخصه وسيرته، ويصفها بالبدعة والشرك، وهو ما اعتبره سببًا مباشرًا في فصل الأمة عن نبيها، والتعامل معه كـ"شخص ميت انتهت مهمته"، في حين أن المنهج النبوي باقٍ وسيرته حية وراسخة.

وتأسف على تغييب المعالم المرتبطة بالنبي وأهل بيته وصحابته في مكة والمدينة، من بيوت ومواقع تاريخية وشعب أبي طالب، مقابل انتشار الترفيه والفساد والانحلال، مشيرًا إلى أن هذا التدمير الممنهج للآثار الإسلامية يهدف إلى محو الذاكرة الدينية والتاريخية للأمة.

وفي ختام الحلقة، يشير الدكتور خالد القروطي إلى أن الحلقة القادمة ستكون ختامًا للمقدمات، وسيتناول فيها موضوعًا محوريًا ومغيبًا في السيرة، وهو كيفية إعداد الله لأنبيائه، متسائلًا: "هل اختارهم الله مصادفة؟ أم كان هناك إعداد إلهي متكامل؟"، مؤكدًا أن القرآن وحده هو القادر على كشف هذا الإعداد، ليكون الأنبياء، وعلى رأسهم النبي محمد صلى الله عليه وآله، قدوات مؤهلة لقيادة البشرية إلى الله.

 

 

 

خطابات القائد