وفي لقاء مع قناة المسيرة، صباح اليوم الأحد، ضمن برنامج "نوافذ" سلطت الباحثة والمتخصصة في تقنية المعلومات، خديجة النشاد، الضوء على هذا التأثير العميق، وما إذا كنا لا نزال نتحكم في اختياراتنا، أم أن الخوارزميات هي من تتحكم بعقولنا؟.

وأوضحت النشاد أن الخوارزميات تعمل بصمت في خلفية جميع المنصات الرقمية، من "فيسبوك" و"إنستغرام" و"تيك توك" إلى "يوتيوب" و"أمازون" وتطبيقات الخرائط، وتعتمد آلية عملها على جمع وتحليل كم هائل من بيانات المستخدم، بدءاً من كلمات البحث والمواقع التي تتم زيارتها، وصولاً إلى المحادثات التي تجري، لتتمكن في أيام قليلة من تكوين صورة دقيقة عن اهتماماته وسلوكه.

وأضافت أن ما يثير دهشة البعض هو قدرة هذه الأنظمة على الربط بين الواقع والعالم الرقمي، حيث وأنه يمكنها أن تقترح صداقة لأشخاص قابلتهم للتو، حتى لو لم تقم بإضافتهم في أي تطبيق، وذلك عبر خاصية تتبع الموقع الجغرافي.

وأشارت الباحثة والمتخصصة في مجال تقنية المعلومات، إلى أن "الفقاعة المعلوماتية" تعد من أخطر الظواهر التي تنتج عن تحكم الخوارزميات، فبدلاً من التعرض لوجهات نظر متنوعة، تحصر الخوارزمية المستخدم في فقاعة من المحتوى الذي يتماشى مع أفكاره وقناعاته، مما يقلل من تفاعله مع الآراء المختلفة، ويجعله يعتقد أنه يختار بحرية ما يراه، بينما الحقيقة أن المنصة هي التي تصمم تجربته الرقمية لزيادة وقت تواجده عليها وبالتالي زيادة أرباحها.

وأشارت إلى أنه لم يعد تأثير الخوارزميات مقتصراً على الجانب الفكري أو النفسي فحسب، بل امتد ليصبح اقتصادياً وسياسياً. فقد كشف تقرير صدر عام 2023 أن 91% من المستهلكين يشترون منتجات بناءً على توصيات الخوارزميات، وأن الإعلانات الموجهة عبر "فيسبوك" مثلاً، رفعت إنفاق المستخدمين بنسبة 23% في المتوسط.

وأضافت النشاد بأنه وعلى المستوى السياسي، وجدت دراسة لعام 2022 أن الأخبار الموجهة بالخوارزميات تنتشر أسرع بست مرات من الأخبار التقليدية، وهو ما أثار اتهامات ضد منصات مثل "تويتر" و"فيسبوك" بحجب أو إبراز محتوى سياسي في أوقات حساسة.

ولفتت إلى تحذيرات خبراء من أن الخوارزميات قد تصبح أكبر مصدر للتأثير في العقول عبر التاريخ، مع توقع تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2024 أن 75% من التفاعل الرقمي العالمي سيكون مداراً بالكامل بالخوارزميات بحلول عام 2030، مضيفة: "على الرغم من المخاطر الجمة، إلا أن الخوارزميات لها جوانب إيجابية. فهي تسهل عملية البحث وتساعد المستخدم على الوصول إلى المعلومات التي تهمه بسرعة وكفاءة، كما أنها تساعد المشاريع الصغيرة على الانتشار والوصول إلى جمهور أوسع".

وأفادت المتخصصة في مجال تقنية المعلومات، أن التعامل مع الخوارزميات يظل مثل أي تقنية أخرى، يتوقف على كيفية استخدامها، فبينما يمكن أن تكون أداة قوية للتطوير والبحث، يمكن أيضاً أن تصبح أداة للسيطرة والتلاعب إذا لم يتم التعامل معها بوعي وإدراك لمخاطرها.