حذرت الباحثة في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، سهام السراجي، من أن هذه التقنية لم تعد مجرد أداة للتسلية، بل تحولت إلى "سلاح رقمي خطير" يهدد الأمن القومي والأفراد على حد سواء.

ما هو التزييف العميق؟

أوضحت السراجي أن "التزييف العميق" هو تقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية لإنشاء صور، وفيديوهات، وأصوات يصعب تمييزها عن الواقع. وما يميزها عن التزوير التقليدي هو "دقة التفاصيل" التي تخدع العين والأذن معاً، وتتنوع أشكال هذه التقنية بين فيديوهات مفبركة بالكامل، وأصوات تقلد بدقة عالية، وحتى المزج بين الصوت والصورة لإنشاء مشاهد غير حقيقية.

أمثلة واقعية ومخاطر متزايدة

وأشارت السراجي إلى أن هذه التقنية لم تعد مجرد أداة للتسلية، بل تحولت إلى سلاح يُستخدم في الابتزاز والتشهير وسرقة الهوية، وصولاً إلى نشر أخبار مزيفة قد تهدد الأمن القومي. وذكرت أمثلة واقعية، مثل فيديو سياسي مفبرك تسبب بأزمة دبلوماسية، وتسجيل صوتي مقلد لرئيس شركة استُخدم للاحتيال المالي. وأكدت أن هذه التقنية أدت إلى "فقدان مصداقية في الإعلام" وصعوبة متزايدة في التمييز بين الحقيقة والكذب، حتى بالنسبة للمتخصصين.

معركة الوعي: خط الدفاع الأول

وفي مواجهة هذا الخطر المتزايد، أكدت الباحثة في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، أن هناك جهوداً مبذولة لتطوير أدوات كشف التزييف، مثل مشروع "إي فورتين ميديا" الأوروبي الذي يوظف الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور والفيديوهات، وشركة أدوبي التي تعمل على تقنية لتوثيق المصادر. ومع ذلك، يرى المخادعون أنهم يتقدمون دائماً "خطوة إلى الأمام".

ودعت السراجي إلى وضع تشريعات متخصصة لمواجهة هذه الظاهرة، خاصة في العالم العربي حيث الحاجة ملحة لذلك. وشددت على أن المواجهة تبدأ من الأفراد، وأن "معركة الوعي هي خط الدفاع الأول"، ناصحة الجمهور بالتحقق من المصادر قبل مشاركة أي محتوى، مؤكدة أن "ليس كل ما تراه أو تسمعه حقيقة".

ولفتت أن استخدامات هذه التقنية تتجاوز الجانب الإبداعي، لتصل إلى تهديدات خطيرة تشمل:

الابتزاز والتشهير: استغلال التقنية لإنتاج مشاهد تشهيرية تستهدف شخصيات عامة وخاصة.

سرقة الهوية والاحتيال المالي: تقليد صوت رئيس شركة، على سبيل المثال، لسحب ملايين الدولارات.

تهديد الأمن القومي: نشر فيديوهات سياسية مفبركة تتسبب في أزمات دبلوماسية بين الدول.

وأشارت إلى أن هذه المخاطر أدت إلى "فقدان مصداقية في الإعلام وفي مواقع التواصل"، وصعوبة متزايدة في التمييز بين الحقيقة والكذب، حتى من قبل المتخصصين.

تطور التقنية وتحديات المستقبل

واستذكرت السراجي أول مرة شاهدت فيها فيديو مزيف، حيث كان هناك "بطء في الكلام" جعله يبدو غير حقيقي. لكنها أكدت أن التطور المستمر جعل الفيديوهات الآن "شبيهة بالواقع"، مما يجعل من الصعب على المتخصصين أنفسهم التمييز بين الحقيقي والمزيف. وفي الختام، أكدت أن هذه التقنيات قد تجعل كل ما نراه ونسمعه في المستقبل القريب "محل شك"، وأن السؤال لن يكون "هل هذا حقيقي؟" بل "كيف نعرف الحقيقة؟".

وفي الختام، قدمت نصيحة عملية للجمهور، قائلة: "مش كل ما يشوف حاجة معناه إنها حقيقة"، وشددت على أن معركة الوعي هي "خط الدفاع الأول" في مواجهة هذه التقنية، وأن على الأفراد مسؤولية التحقق من المصادر قبل مشاركة أي محتوى.