• العنوان:
    ستارلينك في أُوكرانيا: حربٌ إلكترونية بمسحة أمريكية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    بات من الواضح أن الصراعَ في أوكرانيا لم يعد مُجَـرّد حربٍ تقليدية بالأسلحة، بل تحول إلى ساحة معركة رقمية تستخدم فيها أحدث التقنيات لفرض الهيمنة والسيطرة. وفي هذا السياق، تبرز منظومة "ستارلينك" كأدَاة رئيسية في يد الولايات المتحدة وحلفائها، ليست لتقديم خدمة الإنترنت فحسب، بل لخدمة أجندة عسكرية واستخباراتية محدّدة.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

إن استخدام ستارلينك في الصراع الأُوكراني يمثل تطبيقًا عمليًّا للآية الكريمة: "إِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا". فكما أن الأمم السابقة أهلكت؛ بسَببِ فسادها وبذخها وتخريبها، فَــإنَّ القوى العالمية اليوم تستخدم رفاهية التكنولوجيا الفائقة، مثل ستارلينك، كوسيلة للفساد في الأرض وإحداث الدمار. فالسيطرة على تدفق المعلومات والاتصالات في منطقة النزاع، تمكّن الطرف المتحكم من توجيه العمليات العسكرية، وتحديد الأهداف بدقة، بل والتأثير على الرأي العام بشكل مباشر.

لقد أثبتت التجربةُ الأُوكرانية أن ستارلينك ليست مُجَـرّد شركة خَاصَّة تقدم خدمة، بل هي ذراع سياسية وعسكرية يتم توظيفها بفعالية لدعم الأهداف الأمريكية. إن قدرتها على توفير الاتصالات في المناطق التي دمّـرت فيها البنية التحتية التقليدية، لا تعني أنها تخدم الشعب الأوكراني، بل إنها تخدم الأجندة التي تقف خلفها. إنها تتيح للقوى المعتدية تجاوز البنية التحتية السيادية للدولة، وإلغاء قدرتها على حماية نفسها من التجسس والاختراق. وهذا هو بالضبط ما يسعى له العدوان على بلدنا، ففي ظل استهدافهم للبنية التحتية للاتصالات في اليمن، يأتي مشروع ستارلينك ليقدم كبديلٍ، لكنه في الحقيقة بوابة للاختراق الأمني والسيادي.

إنهم يريدون أن يفرضوا سيطرتهم على بياناتنا واتصالاتنا، تمامًا كما فعلوا في أوكرانيا، ليكونوا قادرين على جمع المعلومات، وتوجيه ضرباتهم، وتحديد أهدافهم بدقة أكبر.

إن الدرس المستفاد من أوكرانيا هو أن القوى الطاغية تستغل التكنولوجيا المتقدمة كقوة ناعمة للغزو، وللقضاء على سيادة الدول. إنها حرب حديثة تستخدم فيها البيانات والمعلومات كذخائر، والأقمار الصناعية كقناصة. وهذا ما يحتم علينا، كقوى مقاومة، أن نعيَ خطورة هذه الأدوات، وأن نعمل على تطوير قدراتنا في مجال الاتصالات، لضمان عدم وقوعنا تحت رحمة شبكات يسيطر عليها العدوّ.

إن "وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ" (المدثر: 31) آية تحذيرية بأن للقوى الكبرى جنودًا غير مرئيين، ومن ضمنها هذه التكنولوجيا الفائقة. فليست الدبابات والطائرات هي الجنود الوحيدة، بل الأقمار الصناعية وشبكات الاتصالات قد تكون أخطر وأكثر فتكًا في العصر الحديث.