• العنوان:
    مشروع اكتفاء.. تجربة يمنية رائدة نحو الاكتفاء الذاتي والتصنيع المحلي
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    خاص| المسيرة نت: في ظل التحديات الاقتصادية المتفاقمة التي تواجه اليمن، برزت مبادرات تنموية ذات طابع إنتاجي، تسعى إلى تحويل التحديات إلى فرص، ومن بينها مشروع "اكتفاء" الذي تنفذه مؤسسة ارتقاء التنموية، ويشكّل اليوم إحدى أنجح التجارب المحلية في مجال المشاريع الصغيرة الهادفة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على المنتجات الخارجية.
  • كلمات مفتاحية:

انطلاقة متدرجة من رحم المعاناة

جاء مشروع "اكتفاء" في إطار برنامج "مُساند" للعطاء المجتمعي، كمبادرة تهدف إلى استغلال الموارد الزراعية المحلية، وتحويلها إلى منتجات استهلاكية ذات جودة عالية وبأسعار مناسبة، تسهم في إنعاش الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص العمل، خاصة للنساء والشباب.

بدأ المشروع بإنتاج العصائر الطبيعية المركزة من فواكه يمنية خالصة مثل المانجو، التوت، الكركديه، وغيرها، عبر مراحل تصنيع تشمل التقطيع، العصر، البسترة، والتعبئة، وصولًا إلى التغليف والتوزيع. واستُخدمت في ذلك معدات متوسطة الكفاءة وطاقات بشرية محلية بالكامل.

حسب القائمين على المشروع، تمكّن "اكتفاء" خلال فترة قصيرة من تغطية معظم مديريات أمانة العاصمة، حيث بلغ حجم الإنتاج الشهري نحو 30 ألف عبوة عصير مركّز، تباع في المحلات التجارية المختلفة، مما عكس نجاح المشروع في كسر حاجز التحديات ودخول السوق المحلي بشكل تنافسي.

لكن، وكما أوضحت مديرة المشروع الأستاذة هناء العلوي في حديثها لقناة المسيرة عبر برنامج "نوافذ – بيت العطاء"، فإن المشروع لم يتوقف عند إنتاج العصائر المركزة فقط، بل استجاب لحاجات السوق التي طالبت بعصائر جاهزة للشرب، ما دفع المؤسسة إلى إدخال خط إنتاج حديث في مطلع العام الجاري لتصنيع عصائر خفيفة مثل نكتار المانجو وشراب التوت والكركديه.

وأشارت العلوي إلى أن "اكتفاء" لم يعد مجرد مبادرة، بل أصبح مشروعًا إنتاجيًا حقيقيًا له منتجات يتم تداولها واستهلاكها محليًا، ويدار بكوادر نسائية يمنية من مختلف الفئات. هذا التحول تطلب – بحسب العلوي – جهودًا كبيرة في التغلب على صعوبات التمويل، التسويق، والتعبئة، إضافة إلى مواجهة التحديات اللوجستية في بيئة اقتصادية صعبة ومحاصرة.

تحديات التغليف والتسويق:

من أبرز ما تحدثت عنه مديرة المشروع، كانت معضلة التغليف، حيث أكدت أن ضعف الإمكانيات وغياب المواد الخام اللازمة لإنتاج عبوات جذابة ومنافسة، تحاكي بصر المستهلك ورغبته، أدى إلى تأخر المشروع في الوصول إلى شريحة أوسع من المستهلكين، رغم تفوق المنتجات من حيث الجودة والمكونات الطبيعية.

وأكدت أن المستهلك المحلي – للأسف – ما زال يقيّم المنتج على أساس الشكل الخارجي دون النظر إلى الجودة أو القيمة الغذائية أو البعد الوطني للمنتج، وهو ما يتطلب – من وجهة نظرها – حملات توعية وإعلام تُعيد الثقة بالمنتج المحلي وتُحفز المواطنين على دعمه.

رغم النجاح الذي حققه "اكتفاء"، إلا أن السوق ما زال – كما توضح العلوي – مفتوحًا على مصراعيه للمنتجات الخارجية، رغم صدور قرارات حكومية تنص على تقييد استيراد العصائر الخارجية، ما يخلق منافسة غير عادلة تؤثر على المشاريع الناشئة والمنتجات المحلية.

وأكدت أن "اكتفاء" ينافس من حيث الجودة والسعر، بل ويفوق في بعض الجوانب كثيرًا من المنتجات المستوردة، كونه يعتمد على مواد خام طبيعية 100%، خالية من المواد الحافظة المضرة، ويُنتَج بأيادٍ يمنية خالصة.

من القضايا المهمة التي تطرقت لها العلوي دور مشروع "اكتفاء" في امتصاص فائض الإنتاج الزراعي، خاصة في مواسم انخفاض الأسعار، حيث يُساهم في تحويل الفواكه الفائضة عن حاجة السوق إلى منتجات مصنّعة، ما يُجنّب المزارعين الخسائر، ويُحقق قيمة مضافة للقطاع الزراعي.

وطالبت العلوي الجهات الرسمية بضرورة توفير بيئة تسويقية حاضنة للمشاريع الصغيرة، وتسهيل حصولها على قروض ميسّرة، وتمكينها من امتلاك المعدات والآلات المتطورة لزيادة الإنتاج وتقليل التكاليف.

كما دعت إلى تطبيق فعلي للقرارات الحكومية الخاصة بحماية المنتج المحلي، معتبرة أن نجاح هذه المشاريع الصغيرة لا ينعكس فقط على أصحابها، بل يسهم في تنمية الاقتصاد الوطني، والحد من البطالة، وتقوية سلاسل الإنتاج الداخلية.

مشروع "اكتفاء" يمثل أنموذجًا حيًا لقدرة اليمنيين – وبالأخص النساء – على تحويل التحديات إلى فرص، واستثمار خيرات البلد في مشاريع ذات طابع تنموي، تلامس حاجة السوق، وتحاكي رؤية وطنية تسعى إلى الاستقلال الغذائي والتحرر من التبعية الاقتصادية.

ويكفي أن يُقال في هذا السياق، إن كل عبوة "اكتفاء" تحمل في جوهرها ثمار اليمن، وتُقدّم بجهد وسواعد بناته، وتفتح باب الأمل أمام مستقبل اقتصادي محلي أكثر استقرارًا واستقلالًا.



خطابات القائد