وفي حديثه لقناة المسيرة، مساء الجمعة، أشار البحيصي إلى أن اليمن، رغم ظروفه الصعبة والحرب المفروضة عليه منذ عام 2015م، تحوّل من طرف لم يكن محسوبًا عند انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، إلى فاعل مركزي ومبادر ضمن جبهة المواجهة مع كيان العدو الصهيوني، مؤكدًا أن اليمن كان "الغائب الحاضر" الذي فاجأ الجميع بحضوره الكبير في مرمى العدو.

وأوضح أن اليمن خاض خمس مراحل تصعيدية متتالية ضد كيان العدو، انتهت عمليًا إلى إغلاق شبه كامل للمنفذ البحري الصهيوني في البحر الأحمر، والذي يُعد الشريان الاقتصادي الأهم للكيان. وأشار إلى أن هذا الإغلاق لم يضرب فقط المصالح التجارية، بل طال بُعدًا عقائديًا وتاريخيًا في السردية الصهيونية المرتبطة بميناء إيلات والمناطق المجاورة له.

وأضاف أن هذه الخطوات لم تكن لتتحقق لولا وجود قيادة يمنية تتحرك بمشروع واضح، وشعب يلتف حولها بثقة وتضحية، حيث يبرز اليمن اليوم كنموذج استثنائي في العلاقة بين القيادة والشعب، في وقت تراجعت فيه العلاقة بين الشعوب العربية وأنظمتها إلى مستويات من القطيعة والعجز.

ولفت إلى أن السيد القائد _ يحفظه الله_ في خطابه، أمس، أطلق نداءً أخلاقيًا وإنسانيًا إلى الدول المجاورة لفلسطين المحتلة لفتح الممرات البرية أمام الشعب اليمني للالتحام ميدانيًا في مواجهة العدو، مؤكدًا أن هذا الموقف يعبّر عن جدية واستعداد حقيقي للدخول في معركة الدفاع عن غزة بكل الوسائل، وتقديم الحجة الكافة للأمة وحكوماتها وشعوبها.

وتطرق إلى جانب التعبئة العسكرية، مشيرًا إلى أن اليمن أنجز برامج تدريب عالية الوتيرة لأكثر من مليون مواطن، وأطلق أكثر من 1670 عملية إسناد ميداني، شملت الصواريخ والمسيرات والزوارق البحرية، بما يعكس وجود مشروع متكامل لبناء القوة والردع.

وأكد أن التعبئة في اليمن تستند إلى أسس قرآنية وروحية تؤمن بالدور الشعبي، مشددًا على أن العلاقة المتينة بين القيادة والشعب تمثل عنصر تفوق لا نظير له في المنطقة، وتعكس قدرة اليمن على بناء نموذج تحرري يعيد الثقة بإمكانية نهوض الأمة مجددًا.

وانتقد في المقابل حالة الخذلان العربي، مشيرًا إلى تطابق الموقفين الشعبي والرسمي في معظم الدول مع حالة الصمت والتواطؤ، في ظل إبادة جماعية يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة. وعبّر عن أسفه لغياب دور العلماء والنخب الثقافية، مؤكدًا أنهم أُحيلوا إلى "التقاعد الرمزي"، حتى عن كتابة موقف أو مقال.

وأجزم الدكتور البحيصي بالتأكيد على أن اليمن، قيادةً وشعبًا، يمثل اليوم طليعة الأمة، ويعيد رسم معادلة المواجهة بعيدًا عن الانكفاء والخذلان.

وقال إن التجربة اليمنية تقدم نموذجًا حقيقيًا يعيد الثقة، ويثبت أن النهوض ليس مستحيلًا إذا توفرت الإرادة الصادقة، والقيادة المؤمنة، والمشروع الذي ينطلق من وجدان الأمة وتاريخها.