• العنوان:
    نص عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر ح13
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    ثقافة
  • كلمات مفتاحية:

 

وَأَلْزِمِ الْـحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَكُنْ فِي ذلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً، وَاقِعاً ذلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَخَاصَّتِكَ حَيْثُ وَقَعَ، وَابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثْقُلُ عَلَيْكَ مِنْهُ، فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذلِكَ مَحْمُودَةٌ.

وَإِنْ ظَنَّتِ الرَّعِيَّةُ بِكَ حَيْفاً، فَأَصْحِرْ لَـهُمْ بِعُذْرِكَ، وَاعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ؛ فَإِنَّ فِي ذلِكَ [رِيَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ، وَرِفْقاً بِرَعِيَّتِكَ، وَ] إِعْذَاراً تَبْلُغُ فِيهِ حَاجَتَكَ مِنْ تَقْوِيمِهِمْ عَلَى الْـحَقِّ.

 

وَلاَ تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ لِـلّهِ فِيهِ رِضاً، فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِـجُنُودِكَ، وَرَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ، وأَمْناً لِبِلاَدِكَ، وَلَكِنَّ الْـحَذَرَ كُلَّ الْـحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكِ بَعْدَ صُلْحِهِ، فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ، فَخُذْ بِالْـحَزْمِ، وَاتَّهِمْ فِي ذلِكَ حُسْنَ الظَّنِّ.

 

وَإِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَدُوٍّ لَكَ عُقْدَةً، أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً، فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ، وَارْعَ ذِمَّتَكَ بِالأَمَانَةِ، وَاجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللهِ عَزَّوَجَلَّ شَيْءٌ النَّاسُ أَشدُّ عَلَيْهِ اجْتِمَاعاً، مَعَ تَفْرِيقِ أَهْوَائِهِمْ، وَتَشْتِيتِ آرَائِهِمْ، مِنْ تَعْظِيْمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ، وَقَدْ لَزِمَ ذلِكَ الْـمُشْرِكُونَ فِيَما بَيْنَهُمْ دُونَ الْـمُسْلِمِينَ لِـمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ، فَلاَ تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ، وَلا تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ وَلا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ، فَإِنَّهُ لا يَجْترِىءُ عَلَى اللهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِيٌّ.

 

وَقَدْ جَعَلَ اللهُ عَهْدَهُ وَذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ، وَحَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ، يَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ، فَلاَ إِدْغَالَ وَلا مُدَالَسَةَ، وَلا خِدَاعَ فِيهِ، وَلا تَعْقِدْ عَقْداً تَجُوزُ فِيهِ الْعِلَلُ وَلا تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَـحْنِ القَوْلِ بَعْدَ التَّأْكِيدِ وَالتَّوْثِقَةِ، وَلا يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اللهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ الْـحَقِّ، فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَفَضْلَ عَاقِبَتِهِ، خَيْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ، وَأَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اللهِ فِيهِ طِلْبَةٌ، لا تَسْتَقِيلُ فِيهَا دُنْيَاكَ وَلا آخِرَتَكَ.


خطابات القائد