• العنوان:
    نص عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر ح5
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    ثقافة
  • كلمات مفتاحية:


 

فَالْـجُنُودُ ـ بِإِذْنِ اللهِ ـ حُصُونُ الرَّعِيَّةِ، وَزَيْنُ الْوُلاَةِ، وعِزُّ الدِّينِ، وَسُبُلُ الأَمْنِ، وَلَيْسَ تَقُومُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِهِمْ. ثُمَّ لا قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلَّا بِمَا يُخْرِجُ اللهُ لَـهُمْ مِنَ الْـخَرَاجِ الَّذِي يَقْوَوْنَ بِهِ فِي جِهَادِ عَدُوِّهِمْ، وَيَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ فِيَما أصْلَحَهُمْ، وَيَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ.

 

ثُمَّ لا قِوَامَ لِهذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَالْكُتَّابِ، لِـمَا يُحْكِمُونَ مِنَ الْـمَعَاقِدِ، وَيَجْمَعُونَ مِنَ الْـمَنَافِعِ، وَيُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ مِنْ خَوَاصِّ الأُمُورِ وَعَوَامِّهَا.

 

وَلاَ قِوَامَ لَـهُمْ جَمِيعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَذَوِي الصِّنَاعَاتِ، فِيَما يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ، وَيُقِيمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ، وَيَكْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ، بِأَيْدِيهِمْ مِمَّا لا يَبْلُغُهُ رِفْقُ غَيْرِهِمْ. ثُمَّ الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ أَهْلِ الْـحَاجَةِ وَالْـمَسْكَنَةِ الَّذِينَ يَحِقُّ رِفْدُهُمْ، وَمَعُونَتُهُمْ. وَفِي اللهِ لِكُلّ ٍ سَعَةٌ، وَلِكُلٍّ عَلَى الْوَالِـي حَقٌّ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ.

 

وَلَيْسَ يَخْرُجُ الْوَالِي مِنْ حَقِيقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اللهُ مِنْ ذلِكَ إِلَّا بِالإِهْتِمَامِ وَالاسْتِعَانَةِ بِاللهِ، وَتَوْطِينِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ الْـحَقِّ، وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ فِيَما خَفَّ عَلَيْهِ أَوْ ثَقُلَ.

 

فَوَلِّ مِنْ جُنُودِكَ أَنْصَحَهُمْ فِي نَفْسِكَ لِـلّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِإمَامِكَ، [وَأَطْهَرَهُمْ] جَيْباً، وَأَفْضَلَهُمْ حِلْماً مِمَّنْ يُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ؛ وَيَسْترِيحُ إِلَى الْعُذْرِ، وَيَرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ، وَيَنْبُو عَلَى الأَقْوِيَاءِ، وَمِمَّنْ لا يُثِيرُهُ الْعُنْفُ، وَلا يَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ. ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِي الْـمُرُوءَاتِ وَالأَحْسَابِ؛ وَأَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِـحَةِ، وَالسَّوَابِقِ الْـحَسَنَةِ، ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَالشَّجَاعَةِ، وَالسَّخَاءِ وَالسَّماحَةِ، فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْكَرَمِ، وَشُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ.