-
العنوان:الكَيان المؤقَّت: بين الفشل الذريع ووَهْم النبوة
-
المدة:00:00:00
-
الوصف:
-
التصنيفات:مقالات
-
كلمات مفتاحية:
كَيان الأسدي*
لطالما روّجت (إسرائيل) لنفسها كقوةٍ استخباراتية فائقة، تمتلك إحدى أعقد منظومات الرصد والتحليل في العالم. غير أن الوقائعَ الميدانية، من جنوبي لبنان إلى غزة، ومن الداخل الفلسطيني إلى عمق الجبهات الافتراضية، لم تلبث أن كشفت هشاشةَ هذه الأُسطورة، لتفضح بنيةً أمنيةً تعاني من اختلالات بنيوية، وتعيش حالةً من الغرور المؤسّساتي الذي بلغ حَــدَّ “وَهْم النبوة”.
نبوءة أمنية أم نرجسية استخباراتية؟
في تصريح مثير أدلى به مسؤول رفيع في جهاز “الشاباك” خلال مؤتمر أمني في تل أبيب أواخر 2024، قال: “لم تعد مهمتنا أن نعرفَ ما الذي ينوي أعداؤنا فعله، بل أصبحت مهمتنا أشبهَ بمهمة الأنبياء: أن نتنبَّأ بما سيحدث!”.
رغم ما في هذا التصريح من تفاخُرٍ مبالَغٍ فيه، فَــإنَّه يعكسُ خللًا عميقًا في ذهنية الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. فبدلًا عن الاعتماد على المعطيات الميدانية والتحليل الموضوعي، أصبحت تلك الأجهزة تميل إلى النمذجة الافتراضية وتخمين النوايا، وكأن الاستخبارات أصبحت طقسًا تنبؤيًّا لا عِلْمًا استقصائيًّا.
ويبدو أن هذا الخطابَ لم يكن مُجَـرّد ادِّعاء فارغ، بل كان تمهيدًا لفشلٍ ذريعٍ تجسّد في “طوفان الأقصى”، حَيثُ كشفت المعلوماتُ الميدانية أن حماس أطلقت عمليتَها المباغتةَ كردٍّ استباقي على خطة إسرائيلية معدّة لاجتياح غزةَ ولبنانَ. وبينما كانت القياداتُ العسكرية تعيشُ حالةً من “البرود الأمني” والثقة المفرطة، تحَرّكت المقاومةُ من موقع التقدير، لا المفاجأة.
“إفحام إستبرق” والفريق الأحمر.. التنظير دون إنذار:
في محاولة لكسر نَمَطِ التفكير الأمني التقليدي، أنشأ الشاباك وحدةً تُدعى “إفحام إستبرق”، بقيادة رولين بارك.
تُعرف هذه الوحدة إعلاميًّا باسم “الفريق الأحمر”، وتُكلَّفُ بمهمة تحليل الروايات الاستخباراتية السائدة وتفنيدها، عبر تقديم فرضيات بديلة مستندة إلى بيانات معاكسة.
غير أن هذه المبادرة النظرية سَرعانَ ما سقطت في اختبارها الأول. ففي عدوان مايو 2023 على غزة، فشلت الوحدة في التنبؤ بتكتيكات “الجهاد الإسلامي”، وفي فهم مقاربة “كتائب القسام”، التي فاجأت الجميع بخطة استراتيجية باردة وساخنة في آن، جعلت من تصريحات نتنياهو – القائل إن حماس لن تدخُلَ حربًا بعد ثلاثين عامًا – مادة للسُّخرية المريرة.
وردًّا على هذه الإخفاقات، وجّه نتنياهو انتقادًا لاذعًا للفريق، متهمًا إياه بإضعاف القرار الأمني تحت غطاء “المرونة الفكرية”. وهنا تباينت المواقف داخل المؤسّسة الأمنية: بين من رأى ضرورة الحفاظ على “الفريق الأحمر” كجهازٍ تصحيحي، ومن اعتبره مصدرَ تشويش وتشكيك.
فشل استخباراتي متراكم… من تموز إلى الطوفان:
ما جرى في 7 أُكتوبر 2023 لم يكن مُجَـرّد “ثغرة”، بل تتويجٌ لمسار طويل من التآكل الاستخباري:
• في حرب تموز 2006، فشلت (إسرائيل) في اختراق بنكِ أهداف حقيقي لحزب الله، رغم تفوقها التقني.
• في مسيرات العودة (2018–2019)، عجزت الأجهزة عن تفسيرِ سلوك الحشود الفلسطينية التي اقتحمت السياج بلا قيادة مركَزية واضحة.
• وفي معركة “ثأر الأحرار” 2023، أربكت “سرايا القدس” القبةَ الحديدية بتكتيكات إطلاق مفاجئة من مواقعَ غيرِ مرصودة.
أما في “طوفان الأقصى”، فقد وصلت الصدمة إلى ذروتها: اقتحمت كتائب القسام الحصونَ الحدودية، واجتاحت المستوطناتِ في أكبر انهيار أمني منذ حرب أُكتوبر 1973. انهارت فرقةُ غزة – وهي وحدة النُّخبة المكلفة بحماية الغلاف – خلال ساعات، وانكشفت فجوات فادحة في التقدير، والتأهب، والجاهزية.
تقرير لقناة “كان” العبرية في يونيو 2023 وصف ما حدث بأنه “فشل استخباراتي غير مسبوق”، فيما أقر الجيش الإسرائيلي رسميًّا بعدم أخذِه سيناريو الهجوم على محمل الجِد. وقد تبع ذلك سلسلةُ استقالات بين قادة الصف الأول، أبرزهم قائد وحدة 8200 وقائد القوات البرية.
من أبرز أسباب التدهور الاستخباري الإسرائيلي هو التراجُعُ أَو عدم القدرة والثقة في الاعتماد على العملاء البشريين، لصالح أدوات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة. فالمخاطر الأمنية، وصعوبةُ التغلغُل الميداني، دفعت باتّجاه “أمن سيبراني” يفترضُ أن الخوارزميات ستفهم الإنسان كما يفهمُه الجاسوسُ الحقيقي.
غير أن الوقائع تثبت العكس: لا يمكن لخوارزمية أن تترجمَ النوايا السياسية، أَو أن تحلل التفاعلاتِ الثقافية والاجتماعية في بيئة معقَّدة مثل غزة أَو الجنوب اللبناني. فالذكاء الاصطناعي قد يتعرَّفُ على نمط، لكنه لا يصنعُ حُكمًا حقيقيًّا على سلوك بشري.
ألم تكن تجربةُ 7 أُكتوبر أوضحَ شاهد؟ فالذكاء البشري وحدَه كان قادرًا على التقاط نبض التحضير في الضفة والقطاع، أما (إسرائيل)، فقد ركنت إلى “وَهْمِ السيطرة الرقمية”، فانهارت عند أول مواجهة ميدانية.
فوضى الرد الإسرائيلي.. عمليات بائسة واغتيالات مؤمركة:
بعد الصدمة، جاءت الردودُ الإسرائيليةُ عشوائيةً، أشبهَ بمحاولات لحرق الأوراق أكثرَ منها استعادةٌ للمبادرة. خُطط لإدخَال 30 ألف جهاز “بيجر” لتفجيرها بشكل منسق خلال المعركة، لكن لم يتم تفعيلُ سوى أقلَّ من 5 آلاف منها، دون جدوى حاسمة.
أما الاغتيالات التي تم تنفيذُها، فلم تكن “صناعةً إسرائيلية خالصة”، كما أشَارَت عدة تقارير إلى مساهمة أمريكية مباشرة في جمع المعلومات، وربما حتى في تنفيذ العمليات؛ ما يعكس ضَعفًا في القدرة الذاتية على صناعة قرار أمني خالص.
من الاستخبارات إلى الأوهام.. ومن النبوءة إلى الزوال:
إن التجربة الاستخباراتية الإسرائيلية تمر اليوم بأزمة مفاهيمية، لا تقنية فحسب. فحين يتحول المحلل إلى “نبي أمني”، وحين يُستبدل الواقع الميداني بالتقدير الافتراضي، فَــإنَّ الفشَلَ يصبحُ محتومًا، لا محتملًا.
يبقى السؤالُ مفتوحًا:
هل تدركُ (إسرائيل) أن أمنَها لن يُبنى على نبوءات العجرفة، بل على فَهْمٍ دقيقٍ للواقع الذي – رغمَ كُـلّ محاولات الإنكار – ينذر بزوالها، وإن طال الأمد؟
* كاتب عراقي

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول مستجدات العدوان على قطاع غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية 17 ذو القعدة 1446هـ 15 مايو 2025م

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والتطور ات الإقليمية والدولية 10 ذو القعدة 1446هـ 08 مايو 2025م

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في الذكرى السنوية للصرخة وحول آخر مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية 03 ذو القعدة 1446هـ 01 مايو 2025م

(نص + فيديو) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول مستجدات العدوان على غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية 26 شوال 1446هـ 24 أبريل 2025م

المشاهد الكاملة | تخرج دفعات مقاتلة من الكليات العسكرية البرية والبحرية والجوية بالعاصمة صنعاء 20-03-1446هـ 23-09-2024م

بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن تنفيذ عملية عسكرية نوعية استهدفت عمق الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة بصاروخ فرط صوتي استهدف هدفا عسكريا مهما في يافا المحتلة. 15-09-2024م 12-03-1446هـ

مناورة عسكرية بعنوان "قادمون في المرحلة الرابعة من التصعيد" لوحدات رمزية من اللواء 11 للمنطقة العسكرية السابعة