• العنوان:
    في أفياء صاحب الغدير.. الحقوق المتبادلة بن الراعي والرعية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في دروسه المقتبسة من حكم الإمام علي عليه السلام تناول السيد القائد يحفظه الله تعالى الحدود بين الرعية والراعي والحقوق المتبادلة بينهما، فقرر أن ثمة علاقة لابد أن تقوم على توزان تبادلي يستقيم عليه حال البلاد والعباد ويهيئ الظروف المواتية للاستقرار والتنمية والصلاح بشكل عام.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

اختلال ذلك التوازن يأتي في حالين إما أن "يجحف الراعي في رعيته أو في حال غلبت الرعية على واليها" فيتسبب ذلك في "اختلاف الكلمة" ويعني بالكلمة هنا الوحدة والتوجه العام والاهتمامات سواء على مستوى الراعي أو الرعية فعندما يجحف الوالي برعيته تختل العلاقة بينهما ويتحول إلى مهتم بنفسه ومصالحه الشخصية على حساب "الشعب"، وفي نفس الوقت تعتريه مشاعر التخوف من الشعب الذي –بالتأكيد- لن يقبل بهذا الاختلال لأنه ينعكس عليه سلباً ويؤثر على مصالحه ويؤدي إلى تراجع اهتمام الشعب بالعمل والتنمية لأنه يعتبرها تصب في صالح الوالي المتنصل عن واجباته.

هنا تنشأ طبقة من المتزلفين الذين يزينون للوالي عمله ويسوقون له المبررات التي تدفعه للاستمرار في أخطائه ويرى نفسه مضطراً لتقريبهم وتوليتهم، وثمرة كل ذلك هو ظهور الجور والظلم في حياة الناس، من جانبه يسعى الوالي إلى إلهاء الشعب عن أخطائه وإشغالهم بمشتهيات النفوس ولو كانت غير مشروعة وهو ما يقصده الإمام علي بقوله (كثر الإدغال في الدّين، وتركت محاجّ السّنن . فعمل بالهوى، وعطّلت الأحكام) ولعل أبرز مثال على هذا النموذج من الولاة هو ما يقوم به بن سلمان من نشر الفساد وإظهار الفسق والمجون في بلاد نجد والحجاز ويرعى ذلك بالمال والسلطة الحامية وتوظيف علماء السلطة وأدعياء العلم بالإفتاء بالجواز والحل، وتقديم تلك الأعمال نوعاً من التقدم والتحضر وسبيلاً إلى النهضة والتنمية، ويسعى إلى ترسيخ تلك الممارسات في الوعي الجمعي للمجتمع لتصبح أموراً مقبولة لا تُستنكَر ولا يُتناهى عنها، وهنا يحذر السيد القائد (يحفظه الله) من خطورة الاعتياد على الباطل والمنكر ثم يتساءل كيف يمكن لمجتمع تم إفساده أن يقوم بواجبه في النصح والإصلاح ومواجهة الفساد.

في مرحلة لاحقة يسلب المجتمع زكاء النفس وتكثر أمراض النفوس ويتحرك أفراده بدوافع الطمع والمصالح الضيقة وينشأ بينهم الحسد والأحقاد والتفاخر بما اكتسبوه من حق وغير حق، وقد يتطور الحال إلى أن يطبع على قلوبهم فلا يتأثرون لضياع الحق أو تعطيل الحدود أو انتهاك المحرمات، والخطورة تأتي عندما يتحرك أهل الصلاح لمعالجة تلك الاختلالات فيواجهون بالمقاومة الشديدة وبل والتهجم عليهم وحشرهم في زاوية دعاة الرجعية والتخلف بينما لغيرهم تنصب المنابر وتروج أفكارهم الهدامة ولهم الصوت الأعلى والكلمة المسموعة.

في الختام يذكر السيد القائد الحل الذي قدمه الإمام علي عليه السلام والمتمثل في التناصح بين أفراد المجتمع وحسن التعاون وهو روح ومضمون الوصية الإلهية بقوله تعالى (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) ويؤكد أنه مهما كان مستوى الإنسان العلمي ومهما كانت درجة اجتهاده وحسن نيته في طلب الحق ورغبة الإصلاح إلا أنه لا يزال بحاجة للمشورة ومضطر للتعاون وعند تحقق ذلك يتناصح أفراد المجتمع فيما بينهم ويصبح كل فرد منهم مرآة لأخيه ويسعى كل منهم لإصلاح نفسه ويساهم في إصلاح غيره وإعادة التوازن إلى معادلة الحدود بين الراعي والرعية.      

خطابات القائد