قبل أن تزف إشراق محمد أحمد المعافا

التي لم تتجاوز الحادية عشر من عمرها بقدمين مبتورتين إلى السماء

حلمت إشراق في الليلة السابقة

إنها ستقوم القيامة وهبت من نومها صارخة حتى قرأ والداها على رأسها بعض الآيات ونامت في سكون

وفي الصباح اليوم التالي فتشت عن حقيبتها وبعد تناولها وجبه الإفطار فلم تجد قلما !

قالت لوالدها أريد قلماً فامتحان الاجتماعيات اليوم فتش والدها في جيبه فلم يجد إلا العشرين ريالا

وأعطاها وابتسمت ومضت بحماس ترتدي ملابسها

.........

وفي طريقها إلى الموت كانت هنا الحكاية

حكاية لاتحتاج إلى أقلام بل إلى  لغات من نور لتبقيها على قيد الحياة

همست لصديقتها إلهام مزروق قائلة ...

إني أخاف كثيرا فيوم القيامة حضر البارحة في حلمي إنني أشعر أن القيامة.

 ستقوم اليوم...

ضحكت صديقتها إلهام مزروق  قائلة :عشائكِ يا بنت كان دسماً أو أنك لم تتغطي جيدا...وابتسما ومضيا معا...

......

 وفوق مدرسه الفلاح التي تبعد عن صنعاء أربعين كيلو كان هنالك وعد لايرحم....ومطر من موت يقترب ويبتعد.

وهي وحيدة بلامترس و لا مضاد

سوى دفترين وحقيبة

 وقلم لم يصل بعد

........

مدرسه الفلاح كانت كاسمها مدرسة تبعد عن الحرب وعن الاشتباكات والمعسكرات...كانت تأوي 900 نازح من مختلف الأماكن ...

مضت إشراق المعافا تلك الفتاة التي لطالما حلمت ...

حلمت بأن تكبر وتمارس مهنة الطب حلمت أن تداوي كل الجرحى بل كانت تراهن كثيرا على أحلامها أمام رفيقاتها الصغار

وبين حلم القيامة ..والقلم ...والطب

 هنالك حلما لايكذب ولايرحم

قيامة تساقطت عليها وعلى رفاقها الصغار.

حقد غير متكافئ أخطر أنواع القنابل لأجساد لم تكتمل

شعر وكيل المدرسة علي أحمد علي المظفر بالخطر

 وطالب الأطفال بالمغادرة وهرولوا جميعا وسقط هو مغشيا أمامهم ....وصعد إلى السماء

لم تكن سندريلا اليمن المنكوب لوحدها حين ارتقت روحها ولكن صعد معها جميع الرفاق كسمنفونيه من نور

...

 محمد أحمد هاجر سقط صريعا على بعد امتار من تلك المدرسة

وكان الطالبان والي علي مصلح شويع

و إبراهيم فتح محمد راشد مظفر على بعد مسافة قليلة

و الطالب شيبة علي عبدالله الأهدل نازح من تهامة

في الصف الثاني ثانوي

والطالب أسامة يحيى علي حسن سهيل

والطالبة قيادة محمد مانع تبلغ من العمر ثلاث عشرة سنة

والطالبة إكرام نجيب محمد الزتري تبلغ من العمر ثمان سنوات

 والعديد من الجرحى. والقتلى الآخرين

أتراهم وصلوا ...ونحن هنا لم نصل ؟

أم أن حلم إشراق بالقلم ...والطب ...والقيامة

سيحشد جيوشا من ألم تواجه العدو

بقلم وبضماده طبيبة وانتفاضة قيامة؟

نعم هي لم تشترِ قلما ولكن سنتحول نحن إلى أقلام لاتشترى ولا تموت

 .....

تعمدت أن أكون آخر من يكتب عنهم

 خشية علينا من آفه النسيان

وخشيه أن يجرف دماءهم سيلٌ آخر

 ولكننا

 سنصمد هنا خلف أطلال مدرسة الفلاح وسرمدية أحلام الصغار

نعم لقد ذهبت إشراق ولكن في منازلنا إشراق أخرى تلد في زوايا منازلنا كتبنا وأعيننا

أرادوها أن تنام.....ولكنها تأبى أن تنام

 

خطابات القائد