• العنوان:
    إدارة بايدن تنتحر سياسياً: عدوان بلا رؤية في اليمن
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    يتمسك اليمن بموقفه في منع وصول السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيليين إلى موانئ فلسطين المحتلة مطبقاً بذلك حصاراً خانقاً على الاقتصاد الإسرائيلي إسناداً لقطاع غزة؛ ويضم إلى جانبها منع مرور السفن الأمريكية والبريطانية، بعد إعلانها العدوان على اليمن، يأتي تصاعد الموقف اليمني وتوسيع دائرة الحصار على سفن الولايات المتحدة وبريطانيا رغم تهديد إدارة بايدن بتوسيع نطاق عدوان التحالف الأمريكي – البريطاني على اليمن وهي مرحلة جديدة من الصدام اليمني الأمريكي بعد محاولة الأخير بالترغيب والترهيب توالياً تحييد موقف اليمن عن إسناد القطاع المحاصر.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:
    اليمن مقالات

يرسم انطلاق العدوان الأمريكي - البريطاني على اليمن فجر الجمعة الـ12 من يناير الجاري، وتجدده أكثر من مرة ولو بشكل محدود؛ مرحلة جديدة من حلقات التصعيد التي تقدم عليها الإدارة الأميركية الحالية والمملكة المتحدة تجاه دول منطقة الشرق الأوسط الغير صديقة لـ"إسرائيل".

ويبدو أن الفشل يبرز كنتيجة محتملة لهدف العدوان الأمريكي - البريطاني المتجدد على اليمن بمداه القصير والمتمثل بتحييد عمليات القوات المسلحة اليمنية وخنقها لإسرائيل بحراً، ولن يتحقق طالما استمرّ العدوان والحصار على قطاع غزة؛ يكشف عن ذلك إصرار إرادة القيادة الثورية في اليمن على مواصلة هذا المسار، فقد أكد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن الموقف لن يتغير بالتهديد أو بالعدوان كجبهة إسناد لقطاع غزة، وبالمقابل يعجز التحالف الأمريكي - البريطاني عن تحييد اليمن خصوصاً بعد ما نُقل عن مسؤولين أمريكيين قولهم أن "الكثير من القدرة الهجومية لليمن يتم إخفاؤها بسهولة وأن إيجاد الأهداف أكثر صعوبة مما كان متوقعاً" بل يقف التحالف الأمريكي - البريطاني بخيارات مفرغة تجاه اليمن الذي بنى قدراته العسكرية في حالة حرب استمرت لنحو ثمان سنوات بل ومارست نفس الدول الحالية ضده كافة أنواع الحروب الصلبة والناعمة بما فيها الحرب الاقتصادية.

"الدفاع عن النفس" و "حرية الملاحة".. إدارة بايدن توظف القوانين الدولية

لم توفر إدارة الرئيس الأمريكي جهداً الا واستخدمته في سبيل إنشاء تحالف بحري وإخراجه بغطاء سياسي تحت مزاعم "حرية الملاحة" وتأمينها، ولم يقتصر ذلك على قرار مجلس الأمن 2722 لوحده فقد سبقته بيانات عدة:

أولاً:

ما صدر من تصريح لمجلس الأمن في الأول من ديسمبر 2023 الذي أدان عمليات القوات المسلحة اليمنية واعتبرها تعدياً على "حقوق الملاحة وحريتها في البحر الأحمر".

ثانيا:

الموقف الدولي الذي أعلنته الولايات المتحدة عن 44 دولة في التاسع عشر من ديسمبر 2023 بنفس الدعوة إلى الحفاظ على "حرية الملاحة" والدعوة للإفراج الفوري عن السفينة الإسرائيلية "غلاكسي ليدر".

ثالثاً:

البيان المشترك الذي صدر عن 13 دولة في الثالث من يناير الحالي والذي جاء في نصه بأن اليمن ستواجه عواقب في حال استمرارها هجماتها.

وبالنظر إلى الغطاء السياسي الذي وفرته إدارة بايدن لعدوانها "ولو أنها لا تحتاج لغطاء سياسي او دوافع محددة لشن عدوان على أي بلد" إلا أنها تكشف حجم التوظيف لمبادئ القانون الدولي كمبدأ "حرية الملاحة" وكأن المنظومة الغربية لم تقم بفرض (سلسلة طويلة من العقوبات الإقتصادية على إيران فنزويلا وكوبا وصولاً إلى روسيا والصين والحصار على اليمن وعلى أمن ملاحة هذه الدول؛ وكأن "حرية الملاحة" و"انسيابية تدفق الشحن" لا تتضمن وصول ناقلات النفط والغاز إلى سوريا أو ضمان وصول خطوط الغاز "نورد ستريم 1,2” الروسيين على سبيل المثال لا الحصر).

إدارة بايدن.. تناقضات وفضائح الدعاية الإنتخابية

خلافاً لما تروجه الإمبريالية الصهيونية لتسويق تورطها في المنطقة، فإن إدارة الرئيس الأمريكي الحالية تدرك تماماً أنها تتناقض مع نفسها بخصوص السياسة الخارجية المتبعة في الشرق الأوسط واليمن على وجه التحديد، فقد توجهت لتصنيف عمليات القوات المسلحة اليمنية المساندة والمرتبطة بإسناد قطاع غزة كـ"تهديد كبير" يستوجب عملاً دولياً وبدأت بحشد القطع العسكرية إلى البحر الأحمر وإقحام دول العالم الصديقة لواشنطن بعسكرة تلك المنطقة بدلاً عن معالجة سبب وجذور المشكلة المتمثلة بإنهاء الحرب التي تجاوزت الـ100 يوم على قطاع غزة، في مخالفة لبرنامج إدارة بايدن ودعايته الإنتخابية القائمة زعماً بتقليص القوات الأمريكية في المنطقة وعدم التدخل في صراعات دول غرب آسيا وخصوصاً في المنطقة العربية فضلاً عن إنهاء "الحرب في اليمن" تحت مزاعم البحث عن تهدئة التصعيد وإحلال السلام؛ إلى جانب ما قامت به إدارة بايدن منذ الـ7 من أكتوبر بدعم "إسرائيل" على الصعيد العسكري والغطاء السياسي والدبلوماسي وصولاً إلى التركيز على الجهد الإعلامي المزيف للحقائق بشكل "لا محدود".

خوض معركة "إسرائيل" نفسها

لم يكن مستغرباً أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا باستخدام القوة العسكرية لمحاولة تحييد جبهة المساندة في اليمن بعد إثبات تأثيرها البالغ على المستوى الإقتصادي لكيان الاحتلال فضلاً عن تصدر اليمن كقوة إقليمية صاعدة تمتلك الإمكانيات والقرار والجرأة التي كسرت هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية التي قادتها مؤخراً لاتخاذ قرار شن العدوان ووضعت إدارة بايدن أمام 3 تحديات رئيسية:

الأول يخص الداخل الأمريكي:

 إذ أن اتخاذ إدارة بايدن لقرار العدوان على اليمن لم يلقى إجماعاً في المستوى السياسي الأمريكي الذي انقسم بين مؤيد "معظمهم من الحزب الجمهوري" وهم من اعتبروا أن القرار قد تأخر بحكم أن ذلك يشكل "تهديداً كبيراً" لمصالح واشنطن؛ وبين من اتهم إدارة بايدن "معظمهم من الحزب الديمقراطي" بانتهاك الدستور الأمريكي على أن القرار مرر دون تفويض من الكونغرس، وعواقبه ستطال موقعه في الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر 2024 أي بعد نحو 10 أشهر، خصوصاً بعد توسع معادلة الحصار التي ستطال جميع السفن الامريكية التي تأتي من شرق العالم باتجاه الولايات المتحدة الأمريكية وانعكاساتها على الداخل الأمريكي الاقتصادي، ما يهدد بخسارته في الانتخابات المقبلة.


الثاني يخص الداخل الأوروبي:

عملت إدارة بايدن منذ بداية التوتر في البحر الأحمر على خلق أزمة إقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي من خلال الضغط على شركات الشحن، يؤكد ذلك كبير مفاوضي صنعاء محمد عبد السلام الذي قال إن "ما تعلنه عدد من شركات الشحن تعليق عملها بدعوى ارتفاع المخاطر في البحر الأحمر هو نتيجة الضغوط والتهويلات الامريكية وموقف غير دقيق، ويتماشى فقط مع الدعاية الأمريكية المغرضة، وهناك مئات السفن تعبر مضيق باب المندب بشكل يومي"
وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية ومع توسع الصدام في البحر الأحمر قد جرت الاتحاد الأوروبي إلى أزمة اقتصادية ستظهر تداعياتها بشكل كبير خصوصاً مع إعلان المزيد من الشركات الأوروبية تعليق شحناتها عبر البحر الاحمر وقطع سلاسل التوريدات القادمة من الشرق خصوصاً أنها تتزامن مع التداعيات التي فرضتها أصلاً الحرب الروسية الغربية في أوكرانيا.

 

الثالث يخص الداخل اليمني:

يبدو أن العدوان قد نسف ما عملت عليه إدارة بايدن من توطئة قدم لها في اليمن لليوم التالي بعد الحرب نتيجة عدم فهم التركيبة المجتمعية للداخل اليمني، فقد قوبل العدوان الأمريكي - البريطاني على اليمن برفض واسع من قبل كبار خصوم صنعاء وأكثرهم شعبية وحضوراً على الساحة اليمنية، بل وصل حد الإعلان عن الرفض والاستعداد لقتال أي قوات قد تنتهك السيادة اليمنية فضلاً عن ما أعاده العدوان بشقه البريطاني لذاكرة أبناء جنوب اليمن من احتلال جاثم؛ اثار غضب الشارع الجنوبي الذي رفض هو الاخر اي تدخل أجنبي، يأتي الرفض الواسع في الداخل اليمني بعد أن أصرت إدارة بايدن على بقاء حالة خفض التصعيد دون حلحلة كاملة لملف السلام "لكسب مزيد من الوقت" على حساب ايجاد أذرع لها في اليمن، فقد عملت واشنطن خلال فترة الهدنة والتهدئة على تقديم رشاد العليمي كممثل عن السلطة التي تمثل مصالح التحالف السعودي الأمريكي وتمكينه عسكرياً في المحافظات اليمنية المحتلة، ذلك من جهة ومن جهة أخرى الدفع بأذرع الإمارات نحو إبقاء سيطرتهم على موانئ وسواحل اليمن الشرقية وصولاً إلى باب المندب لخدمة هدف واشنطن الاستراتيجي في إحكام السيطرة على المضيق ومحاربة الصعود الصيني الاقتصادي والتوسع العسكري الروسي اللذان تعدهما أبرز تحديين في استراتيجيتها للأمن القومي مستفيدة من موقع اليمن.


أخيراً لا يمكن أن تنحصر تداعيات التصعيد الأمريكي - البريطاني في نطاق البحر الأحمر ودول ضفتيه دون أن تطال دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، خصوصاً مع دخول مصالحها في بنك أهداف القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن وربما ما هو أبعد من ذلك، ستجد إدارة الرئيس بايدن أن تورطها في الصدام مع اليمن على حساب حماية المصالح الإسرائيلية دون رؤية في الخروج أو كيفية تحقيق الهدف الرئيسي منه، قد وضعها في انتحار سياسي يعاكس كل الدعايات الانتخابية التي وعدت بها الناخبيين الأمريكيين في مرحلة تقبل بها على الانتخابات الرئاسية فضلاً عن الخسائر الاستراتيجية التي ستمنى بها واشنطن في رؤيتها للشرق الأوسط.

 

 

خطابات القائد