• العنوان:
    محطات في طريق الصمود
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    كان صوته صاخبا وهو يرد على تلك المرأة الخمسينية التي وقفت أمام باب الباص وهي تهم بالركوب معه من جولة الساعة حتى ما قبل جولة سبأ
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

كان صوته صاخبا وهو يرد على تلك المرأة الخمسينية التي وقفت أمام باب الباص وهي تهم بالركوب معه من جولة الساعة حتى ما قبل جولة سبأ، قال لها ضروري مائة ريال، ما تنفع الخمسين، ارجعي.

تابعتها بعيني وهي تعبر الشارع مكسورة تبحث عن باص آخر ليقلها هذه المسافة القصيرة التي تعجز عن قطعها في هجير الظهيرة، فبدأت بتذكير ذلك السائق المتلفت يمينا وشمالا باحثا عن ركاب جدد يقلهم، قلت له: إذا كانت امرأة ضعيفة أو طالب مدرسة خذ منهم ما تيسر، واحسب الباقي زكاة، الرحمة أفضل من القسوة، إذا لم نتراحم بيننا كيف سيرحمنا الله.

هذه المرأة بتدور قيمة الزبادي، فرد علي بتمتمة ساخط: وأنا ما به معي قيمة الزبادي!

لم يكمل عبارته إلا وقد عبر الشارع بالباص منطلقا في طريقه من جولة الساعة فإذا به ينادي على تلك المرأة التي لم أنتبه إلى مكانها على الرصيف وهي تبحث عمن يقلها، فإذا به كان يبحث عنها، ليقلها بما تيسر لها، وقد تغيرت لهجته معها، وفوض أمر رزقه إلى الرزاق، في موقف كان له في نفسي الأثر البالغ، فما كنت أتصور أن أنفع بكلمة عابرة قلتها بمحبة، فإذا بها تصلح بعض النفوس، وتسعد آخرين.

هكذا هم أبناء اليمن، قد ينسون في غمرة المعاناة بعض الشيء، ولكن ما إن يتذكروا حتى تلين قلوبهم، وتذوب جلافتهم بكلمات بسيطة صادقة، مصداقا للحديث النبوي (هم أرق قلوبا وألين أفئدة).

كان مقدار الأمل دافقا في صدري بقدر أزال الهم الذي كان في صدري حين رأيت ذلك الموقف، واستشعرت هذا السلاح العظيم الذي يمكننا أن نواجه به هذه الحرب الاقتصادية الضروس التي يشنها العدوان علينا، مستعينين بالله، منتهجين نهج التعاون والتكافل والتراحم في هذه الظروف السيئة، والتي ربما نعيش ما هو أسوأ منها، لكن بهذه الروحية نتجاوز كل ذلك، متيقنين أنه بغير هذا سيكون القادم أكثر سوءا، حين يتمكن العدو منا، فتستمر المعاناة ولكن بدون كرامة ولا عزة وحقوق محفوظة.

*سنبقى مجتمعا مرابطا في رباط الصبر والتكافل حتى نتجاوز هذه المرحلة من مراحل المواجهة مع العدو الأمريكي وأدواته الإقليمية والمحلية، سائلين من الله أن يوفقنا في هذه التمحيصات والاختبارات العملية لنا كأفراد وكمجتمعات، حتى ننال استحقاق نصرة الله للمستضعفين كما وعدهم، ومن أوفى بعهده من الله!.

تغطيات