• العنوان:
    حياكة المعاوز ودورها في صناعة الملبوسات: موروث يمني في قلب معركة التوطين
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    خاص| المسيرة نت: في إطار نافذة مجهر المواطن، منبركم الحر والمسؤول لمناقشة قضايا النهوض باقتصاد الوطن بسواعد أبنائه، تواصل قناة المسيرة تسليط الضوء على ملف واقع صناعة الملبوسات وتحديات توطينها، وصولاً إلى حلقاته الختامية التي تتناول الخلاصات والتوصيات ومسارات المعالجة والحلول، بعد ثماني حلقات ميدانية كشفت حجم المعوقات والإشكاليات، كما أبرزت في الوقت ذاته حيوية هذا القطاع وقدرته على النهوض والمنافسة واستعادة ثقة المستهلك.
  • التصنيفات:
    اقتصاد
  • كلمات مفتاحية:

التحقيقات الميدانية التي أنجزتها القناة أكدت أنّ قطاع صناعة الملبوسات قطاع واعد، يمتلك العاملون فيه الخبرة والكفاءة والمهارة، وأنّ استمرار الاعتماد على الاستيراد بفواتير سنوية تقارب 924 مليون دولار، أي ما يلامس المليار، لم يعد مقبولاً في ظل ما يمتلكه اليمن من إمكانات بشرية وخبرات متراكمة، خصوصاً في ظل ظروف العدوان والحصار التي فاقمت البطالة وحرمت عشرات الآلاف من فرص العمل.

وفي هذا السياق، تتحول الكرة اليوم إلى ملعب الحكومة والجهات المعنية، لترجمة توجهات القيادة الواضحة في دعم وحماية الإنتاج الوطني، وتعزيز مسارات التوطين وصولاً إلى الاكتفاء الذاتي.

قرار حكومي ورسائل للتجار

قبل أيام، أصدرت الحكومة قراراً استثنائياً بالسماح بدخول الشحنات المستوردة المشمولة بقرار حماية الإنتاج المحلي من المنافذ دون فرض الزيادة في الرسوم، في خطوة وُصفت بأنها تفهم لمصالح رأس المال الوطني، ورسالة واضحة للتجار بأنّ مسار التوطين التدريجي مسار وطني خالص يخدم المصلحة العامة، وستجني ثماره جميع الأطراف.

ورغم ما يحمله القرار من أعباء على خزينة الدولة، وحرمانها من ملايين الدولارات، إلا أنّ الحكومة أثبتت – رغم الحرب الاقتصادية – أنها تستشعر مسؤوليتها حتى تجاه من هم خارج المسارات البنيوية والتنموية، ما يضع علامات استفهام كبرى أمام من يصرون على إغراق السوق بالمستورد وعرقلة مسار التصنيع المحلي.

المعاوز والشيلان… خصوصية يمنية

ضمن هذه السلسلة، توقفت عدسة كاميرا المسيرة عند أحد أبرز الأصناف الشعبية الخالصة لليمن: المعاوز والشيلان. منتجات تحمل بعداً تراثياً وثقافياً وتاريخياً، وتشكّل علامة فارقة للهوية اليمنية.

ومن داخل معمل بن حمزة لصناعة المعاوز والشيلان الشعبية، نقلت الكاميرا نقلة نوعية تشهدها هذه الصناعة، حيث انتقلت حياكة المعاوز من الاعتماد الكامل على العمل اليدوي المتوارث، إلى إدخال الآلات الحديثة، بهدف تلبية احتياجات السوق من حيث الكم، ومواجهة المنافسة الشرسة للبضائع المستوردة.

صاحب المعمل، محمد عبد الواحد، أوضح أن معمل بن حمزة يُعد من أوائل وأقدم المعامل في الجمهورية التي بدأت بحياكة المعاوز عبر الآلات، مع الحفاظ على الخصوصية اليمنية في التصميم والجودة. وأشار إلى إدخال الشيلان ضمن خطوط الإنتاج، إضافة إلى امتلاك مكائن ليزر تُعد الأولى من نوعها في اليمن، تُستخدم في الطباعة بعد التصنيع، ما أتاح تنويع الألوان والنقوش وتلبية أذواق المستهلكين.

وبيّن عبد الواحد أن الدافع الأساسي لهذا التحول هو سد الفجوة التي كانت تملؤها البضائع المستوردة، وحماية مصدر دخل آلاف الأسر التي تعتمد على هذه الحرفة، مؤكداً أن المنتجات المستوردة – وإن كانت أرخص – إلا أنها غالباً ما تعتمد على خيوط رديئة أو معاد تدويرها من مواد بلاستيكية، ولا تضاهي جودة المنتج المحلي ولا عمره الافتراضي.

من أبرز التحديات التي تواجه معامل حياكة المعاوز الحديثة، ارتفاع كلفة الكهرباء، حيث تُحتسب التعرفة على المصانع كتعرفة المنازل، رغم الاستهلاك الكبير، ما يرفع كلفة الإنتاج ويضعف القدرة على المنافسة، ويدفع بعض المعامل إلى تقليص ساعات العمل أو إيقاف بعض المكائن.

وأكد صاحب المعمل أن أي دعم في جانب البنية التحتية، وفي مقدمتها الكهرباء، سينعكس مباشرة على سعر المنتج النهائي، ويعزز القدرة على المنافسة في مواجهة المستورد.

الاتحاد يوضح… الحرفة في خطر

وفي مداخلة من صنعاء، عبر نافذة مجهر المواطن، تحدث محمد الأحمدي، رئيس قطاع الأزياء التقليدية في اتحاد المنسوجات والملبوسات، مؤكداً أن صناعة المعاوز حرفة متأصلة منذ زمن الآباء والأجداد، لكنها تواجه اليوم خطراً حقيقياً بسبب إغراق السوق بالمستورد، خاصة الهندي، ما ألحق خسائر كبيرة بالأيادي العاملة والأسر المنتجة في الريف والمدينة.

وأوضح الأحمدي أن قرارات الحكومة الأخيرة أسهمت في الحد من الإغراق، لكنها تحتاج إلى متابعة صارمة وإلزام المستوردين بخفض سعر المدخلات وفق ما استقادوه من العفو من الجمارك والضرائب، مشيراً إلى أن مناطق كاملة مثل وصاب تعتمد آلاف الأسر فيها على هذه الحرفة، حيث تضم مديرية واحدة أكثر من 20 ألف أسرة منتجة.

وأشار إلى أن الجمعيات والجهات المعنية قدمت دعماً محدوداً عبر قروض بيضاء دون فوائد، إلا أن رأس المال المتوفر لا يزال غير كافٍ لتغطية احتياجات جميع الأسر.

اليدوي أم الآلي؟

وحول الفارق بين المنتج اليدوي والآلي، أكد الأحمدي أن للمنتج اليدوي قيمة تراثية وجودة خاصة لا يمكن تعويضها، فيما يُعد الإنتاج الآلي بديلاً يسد حاجة السوق من حيث الكمية، دون أن يلغي أهمية الحفاظ على الحرفة اليدوية من الاندثار، كونها تشغّل آلاف الأيدي العاملة وتعيل آلاف الأسر.

مطالب ملحة

وفي جانب التسويق، أوضح الأحمدي أن عملية التسويق تتم أسبوعياً من القرى إلى المراكز، حيث يتولى التجار توزيع المنتجات على الأسواق، مؤكداً أن التسويق ما يزال قائماً لكنه بحاجة إلى تطوير.

واختتم الأحمدي حديثه بمطالب واضحة، أبرزها: إلزام التجار بالاستفادة من الإعفاءات الجمركية لصالح المنتجين وليس على حسابهم، ودعم الأسر المنتجة وحمايتها من الاستغلال، والعمل الجاد على تشغيل مصانع الغزل والنسيج أو إنشاء مصانع حديثة، مستفيدين من توفر القطن والخامات محلياً، لما لذلك من أثر كبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص الاستيراد، وضرورة صناعة الخيط محلي.

وما بين المعمل والريف، وبين اليد والآلة، تقف صناعة المعاوز والشيلان شاهداً على قدرة اليمنيين على الإنتاج والمنافسة، إذا ما توفرت الحماية والدعم الحقيقي. ويبقى الرهان على قرارات أكثر جرأة، وتنفيذ صارم، يعيد لهذه الحرفة مكانتها، ويحوّلها من موروث مهدد إلى رافعة اقتصادية وطنية.