• العنوان:
    التقسيم والانفصال: أساس كُـلّ احتلال
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    نعلم جميعًا عبر العصور التاريخية القديمة والحديثة أن القوى الاستعمارية والإمبراطوريات الاحتلالية استخدمت استراتيجية التقسيم والانفصال كأدوات أَسَاسية وفعالة لتحقيق أهدافها التوسعية وترسيخ سيطرتها.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

وتعتمد هذه الاستراتيجية على مبدأ «فرِّقْ تَسُدْ»، حَيثُ يتم تفكيك الكَيانات الجغرافية المتماسكة والروابط الأخوية والسياسية والاجتماعية والدينية، وخلق كيانات متعددة ضعيفة ومتنازعة، عبر منهجيات مختلفة مثل الديمقراطية والملكية والفيدرالية والكونفدرالية وكافة المسميات التي لم يأتِ بها دين أَو شرع، لتسهيل عملية السيطرة والإدارة.

الأسس النظرية للتقسيم كأدَاة استعمارية:

مبدأ "فرّق تسد": يعود هذا المبدأ إلى العصور الرومانية، وتجلى في الحروب العالمية، وهو اليوم نهج نظامي لقوى الاستكبار في العصر الحديث، حَيثُ تعمل القوى المحتلّة على خلق انقسامات مجتمعية وجغرافية وسياسية وعِرقية ومذهبية، وترسيم حدود مصطنعة تعمق التشرذم.

تفتيت الهُوية الإيمانية والوطنية: يركز المحتلّ على استهداف الهُوية الجمعية الموحَّدة للشعوب، عبر تعزيز الهُويات الفرعية والانتماءات الثانوية؛ مما يخلق مجتمعات ممزَّقة يسهل التحكم بها.

إنشاء كيانات تابعة: يتم تقسيم أراضي الدولة المحتلّة إلى دويلات صغيرة وأقاليم متنافسة، وتجزئة المجتمع إلى كيانات سياسية وعرقية ومناطقية وعقائدية مختلفة، تعتمد كليًّا على توجيهات القوى المسيطرة.

نماذج من مظاهر التقسيم الاستعماري التاريخية:

الاستعمار في إفريقيا: في مؤتمر برلين (1884-1885)، رُسمت الحدود بشكل اعتباطي، قطعت أوصال المجتمعات العرقية والثقافية الموحدة، مما خلق صراعات مُستمرّة سهّلت للقوى الاستعمارية السيطرة على موارد القارة.

الانتداب البريطاني على فلسطين: طبقت بريطانيا سياسة تقسيمية منهجية، عبر:

- تعزيز الانقسام بين العرب واليهود وبين العرب أنفسهم.

- إصدار وعد بلفور الذي مهد للاستيطان الصهيوني.

- التقسيم الجغرافي (عزل غزة عن الضفة، وتقطيع الأراضي بالمستوطنات والجدار).

- التقسيم الاجتماعي والسياسي (تعزيز الانقسامات الداخلية الفلسطينية).

الهدفُ الاستراتيجي من التقسيم:

- إضعاف المقاومة وتقويض القدرة على المواجهة الموحَّدة.

- تعميق التبعية وجعل الكيانات المقسمة تعتمد على المحتلّ للتواصل بين أجزائها.

- تكريس الاحتلال وتحويله من حالة مؤقتة إلى واقع دائم.

- استنزاف طاقات المجتمع في صراعات داخلية بدلًا عن مواجهة المحتلّ.

ما يحدث اليوم في اليمن:

تحاول قوى الاستعمار الحديث (أمريكا، بريطانيا، كَيان الاحتلال الصهيوني) وأدواتها الإقليمية احتلال اليمن والسيطرة عليه، نظرًا لموقعه الجغرافي وموارده الاقتصادية، عبر أُسلُـوب استعماري غير مباشر وخطير.

وهذا الحاصل في اليمن منذ ما يقرب من قرن، بدءًا من اغتيال الشهيد القائد إبراهيم الحمدي رضوان الله عليه، مُرورًا بسيطرة الاستعمار على الجنوب، وحتى اليوم.

وما يحدث في المحافظات الجنوبية الآن ليس إلا تكريسًا للاحتلال ومحاولة لفصل اليمن وتقسيمه إلى أقاليم ودويلات صغيرة.. وهيهاتَ لهم ذلك.

الحَلُّ في مقاومة الاحتلال واستراتيجيته الإجرامية:

يجب على الشعب اليمني ككل التيقظ والوعي لما يحيكه المحتلّون من خطط، وتعزيز الوحدة الوطنية والهُوية الإيمانية، ونبذ كُـلّ الخلافات، والتحَرّك الجاد والمسؤول في التصدي للغزاة وإفشال مشاريعهم التقسيمية.

والحفاظ على رواية وطنية موحدة تدعم المقاومة الشعبيّة التحرّرية التي لا تخضع ولا تساوم، ليظل الوطن واحدًا والمصير واحدًا.

إذن.. يشكل التقسيم والانفصال الأَسَاس الذي ترتكز عليه مشاريع الاحتلال عبر التاريخ.

وهذه الاستراتيجية الخبيثة يجب التصدي لها وإفشالها بالتحلي بالوعي والبصيرة، والحفاظ على الوَحدة اليمنية والهُوية الوطنية، ليبقى اليمن عصيًّا على الغزاة، حرًا أبيًّا شامخًا مستقلًا، ومقبرة للغزاة والمحتلّين كما هو تاريخه عبر العصور.