• العنوان:
    عدوان "عاصفة الحزم".. من خُدعة "الشرعية" إلى فخ الاحتلال الجديد وتمزيق اليمن
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    كان انطلاق ما يُسمّى "عاصفة الحزم" في مارس 2015، مدعومًا بذريعَتين رئيسيتين تم الترويجُ لهما إعلاميًّا على نطاق واسع: "محاربة أنصار الله" وإعادة ما يُسمى "الشرعية".. إلا أن الوقائع على الأرض، خَاصَّة في المحافظات الجنوبية والشرقية التي خرجت عن سيطرة حكومة صنعاء مبكرًا، كشفت النقاب عن أجندة أعمق وأكثر قتامة.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

فاليوم، ما جرى في حضرموت والمهرة –، حَيثُ لا وجود فعلي لأنصار الله – يُعد أكبر دليل ساطع على أن الهدف الحقيقي كان ولا يزال الاحتلال، ونهب الثروات، وزرع الفتنة لإحكام السيطرة.

ففي هاتين المحافظتين، لم نشهد معارك لاستعادة ما يُسمى "الشرعية"، بل شهدنا عملية ممنهجة لحرب هذه "الشرعية" نفسها، عبر تفكيك مؤسّسات الدولة المتبقية والسيطرة الكاملة على المنشآت النفطية والموانئ الاستراتيجية، مثل ميناء النشطون وميناء الغيضة في المهرة، والمنشآت النفطية في حضرموت.

من "الشرعية" الخُدعة إلى "المجالس" العميلة

منذ البداية، استخدم العدوان السعوديّ الإماراتي الفارّ هادي كغطاء سياسي و"شرعي" لتنفيذ عدوانه.

ومع مرور السنوات، كشفت الرياض عن نواياها الحقيقية:

الإذلال والعزل: عانى هادي نفسه من الإذلال المتكرّر والحبس في الرياض عدة مرات، قبل أن يتم عزله بشكل كامل في 7 إبريل 2022 وفرض الإقامة الجبرية عليه، بعد أن منعوه سابقًا من العودة إلى عدن.

وكانت هذه هي المكافأة "الرمزية" لمن وظفوه كواجهة.

خلق كيانات موازية: عملت دول العدوان على خلق تكتلات سياسية جنوبية، أبرزها المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي كان في الأصل أدَاة سعوديّة إماراتية مشتركة.

لقد تم تكليفه بمهمة مزدوجة: القضاء على الحراك الشعبي الجنوبي الأصلي وإخماد القضية الجنوبية الحقيقية، ثم تحويله لاحقًا إلى حليف شريك للنظام السابق وفق اتّفاق الرياض (نوفمبر 2019)، مقابل فتات من المال والصلاحيات.

واليوم، تقودُه الإمارات لتمكينِ الاحتلال من السيطرة على الجنوب ونهب ثرواته.

مسرحية المجلس الرئاسي: جاء تشكيل ما يُسمى المجلس الرئاسي في الرياض كمسرحية هزلية أُخرى؛ بهَدفِ تأكيد السيطرة السعوديّة المطلقة على المشهد السياسي في المحافظات المحتلّة.

وقد فشل هذا المجلس العميل فشلًا ذريعًا في تحقيق أي إنجاز يذكر، حَيثُ تشظى بالخلافات الداخلية، مؤكّـدًا أن مهمته الوحيدة كانت تنفيذ ما تبقى من مؤامرات العدوان وليس سد أي فراغ سياسي حقيقي.

تجنيد مليشيات والسيطرة المباشرة

كان التدخل العسكري المباشر لدول العدوان في المحافظات الجنوبية نهاية 2015 وطوال 2016 هو البوابة الحقيقية لإعادة الاستعمار:

مليشنة الجنوب: عملت السعوديّة والإمارات على "مليشنة" المحافظات الجنوبية بشكل منهجي، مستغلة الأوضاع الاقتصادية الصعبة لأبنائها لحشدهم في عشرات المعسكرات وإنشاء مليشيات متعددة الولاءات (كالحزام الأمني، ومقاومة حضرموت، وقوات النخبة الحضرمية، وغيرها).

كان الهدف تعزيز النفوذ العسكري المباشر وتنفيذ أجندات الاحتلال، وإبقاء المنطقة في فوضى مسيطر عليها.

تفكيك الجيش النظامي وإذلاله: تم تفكيك ما تبقى من تشكيلات عسكرية نظامية، مثل المنطقة العسكرية الرابعة في حضرموت، وتحويل مقراتها إلى قواعد للمليشيات.

وتبع ذلك سياسة منهجية لإذلال وإفقار أية قوة تخرج عن الطاعة.

الاستنزاف في المعارك العبثية: تم استنزاف دماء أبناء الجنوب في معارك عبثية على الحدود السعوديّة أَو في جبهات مثل مأرب والساحل الغربي، لخدمة أهداف إقليمية لا تمت لمصالحهم بأي صلة.

التواجد العسكري المباشر والتقاسم: أقامت دول العدوان تواجدًا عسكريًّا مباشرًا وقواعد دائمة.

سيطرت الإمارات على الموانئ الحيوية (عدن، المخاء، بلحاف، الضبة) وعلى أرخبيل سقطرى، بينما سيطرت السعوديّة على المهرة بشكل كامل، وحرصت على منع الوجود الإماراتي في وادي حضرموت؛ مما يكشف عمق التنافس على المغانم.

تدويل الاحتلال: قامت الدولتان باستقدام قوات أجنبية (أمريكية وبريطانية) وإنشاء غرف عمليات مشتركة في مواقع استراتيجية كمطار الريان بالمكلا ومطار الغيضة، مما يحول الأرض اليمنية إلى ساحة لمشاريع ومصالح دولية متعددة.

الخلاصة: الذريعة التي انكشفت

لقد تحول خطابُ العداء لأنصار الله، الذي غذّته آلاتُ إعلام العدوان لسنوات، من أدَاة حشد إلى آلية لتجنيد اليمنيين في صراع آخر تمامًا: التنافس بين السعوديّة والإمارات على السيطرة على الأرض والثروة وإعادة رسم خريطة اليمن.

لقد كانت ما يُسمى "الشرعية" مُجَـرّد ذريعة استخدمت حتى جفّفها منشئوها، وكان أنصار الله مُجَـرّد عدو مُعلَن لتحقيق أهداف أُخرى.