• العنوان:
    نحن المشكلة لا القرآن
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في أُورُوبا لم يكن الإنجيلُ متاحًا للعامة أَو مسموحًا لهم حيازته أَو قراءته بأمر البابوات المتعاقبين لأكثر من خمسة عشر قرنًا.. ولما أصبح متاحًا لهم وقرؤوه لأول مرة، تغيرت حياتهم جذريًّا وانتقلوا من دياجير الظلام والجهل إلى رحاب وآفاق العلم والنهضة والازدهار.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

ليس لأنهم عملوا بتعاليمه، فالإنجيل، وكما تعلمون، في معظمه محرف، ولكن لأنهم قرؤوه بتأمل وتمعن وتفكر الأمر الذي أوصلهم مباشرة، ومن أول وهلة، إلى حقيقة واحدة تقول بأن لا وجود في الإنجيل لشيء اسمه البابا أَو البابوات الذين ظلوا يطوِّقونهم بحالة من الجمود الفكري والثقافي والسياسي والاقتصادي قرونًا طويلة.

لا وجود في الإنجيل للكنيسة التي كانت تسيطر على عقولهم وتفكيرهم وتتحكم في سلوكياتهم وأنماط حياتهم، فهي وحدها فقط من يحق لها أن تفكر أَو تخطط أَو تقرّر نيابة عن الناس، وما على الناس حينها فقط إلا السمع والطاعة العمياء.

والنتيجة ماذا؟

تحرّروا من الكنيسة، وأطلقوا لعقولهم العنان في التفكر والتدبر والتأمل، وكسروا حالة الجمود وحواجز التخلف الذي كانوا يعيشون فيها، وتحولوا مباشرة إلى عصر جديد من العلم والعمل والبناء والنهضة.

حدث هذا طبعًا بعد أن تمكّن عالم أُورُوبي اسمه جوتن بيرج من اختراع أول آلة طباعة في التاريخ سنة 1440 للميلاد، والذي بدوره، قرّر بأن يكون الإنجيل هو أول كتاب يقوم بطباعته ونشره.

تخيلوا...

هذا كله فقط لأنها توفرت لهم فرصة حيازة وقراءة الإنجيل لأول مرة، فكيف بهم لو أنها توفرت لهم فرصة قراءة الإنجيل كما أنزل على عيسى عليه السلام؟

كيف بنا نحن العرب والمسلمين الذين نقرأ القرآن الكريم كُـلّ يوم، وكما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا؟

لماذا لم يتغير في حياتنا شيء؟

لماذا تمضي حياتنا كُـلّ يوم إلى الأسوأ فالأسوأ؟!

تعرفون لماذا؟ لأننا ببساطة لا نفكر أَو نتفكر.

فنحن حين نقرأ القرآن، نقرأه بدون أن نتفكر أَو نتأمل أَو نتدبر آياته وما تتضمنه من حقائق مضيئة، وَإذَا حدث وتفكرنا أَو تأملنا أَو تدبرنا فيها، فإننا لا نعمل بها!

لأن القرآن متاح لنا وفي متناول أيدينا باستمرار وعلى الدوام، منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا، لكننا نتعامل معه وكأنه ليس متاحًا أَو غير مسموح لنا حيازته أَو قراءته.

أو وكأنه ما أنزل وجمع في مصحف واحد إلا لنقتنيه ونزين بحضوره المكان فقط، ونقبله كلما مررنا به، لا لقراءته والتمعن به والعمل بمقتضاه.

لأننا لم نعد نستحضره إلا في المناسبات والطقوس الدينية أَو الجنائزية فقط، نستحضره لاستكمال برنامج أَو إتمام مراسيم عابرة فقط، لا لتصويب منهج وتقويم سلوك!

أليست هذه هي الحقيقة المُــرَّة؟

والآن تخيلوا ماذا لو أن «جوتن بيرج» لم يقرّر يومها طباعة ونشر الإنجيل في أُورُوبا وقرّر مثلًا طباعة ونشر القرآن هناك، برأيكم، كيف كان وجه العالم سيتغير؟

يعني: إذَا كان قرار طباعة إنجيل محرف قد تسبب في إحداث هذه النهضة الأُورُوبية، فكيف لو كان قد تقرّر طباعة القرآن الكريم الذي لم يتغير أَو يُحرف في أوساط شعوب ومجتمعات لم تكن متعطشة إلى شيء كما كانت متعطشة إلى القراءة والتفكر؟!

يعني: نحن العرب والمسلمين المشكلة لا القرآن.