• العنوان:
    جهوزيةٌ لحسم
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في بلد اعتاد أن يفاجئ خصومَه لا أن يُفاجَأ، تنتقل الأحداثُ من دائرة الترقب إلى ساحة الحسم. فإعلان القوات المسلحة اليمنية أعلى درجات الجهوزية لم يكن مُجَـرّد بيان عابر، بل هو جرس إنذار يعلن بداية مرحلة جديدة كليًّا، تعيد ترتيب المشهد برمته، وتضع جميع القوى المتربصة أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها: اليمن يدخل اليوم عهد القرار الوطني الصارم.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

إعلانٌ لا يقلّ قوةً وتأثيرًا عن النفير التاريخي الذي أطلقته القبائلُ اليمنية، التي تمثّل أحد أعمق منابع القوة الاجتماعية في البلاد. 

فحين تلتقي إرادَة المؤسّسة العسكرية مع الإرادَة المجتمعية، يصبح المشهد جاهزًا لمسار جديد لا يترك مجالًا للمماطلة أَو للتلاعب بمصير الشعب واستمرار معاناته تحت وطأة الحصار.

انكشاف الصفوف.. وسقوط آخر رهانات العدوان

لطالما بنت القوى العدوانية – وعلى رأسها الثلاثي الاستعماري: أمريكا وبريطانيا وكيان الاحتلال – استراتيجيتَها على فكرة أن اليمنَ قابِلٌ للتطويع، وأنه يمكن إدخَاله في دوامة الاستنزاف بلا نهاية. 

لكن الواقع اليوم يفرض معادلة مختلفة تمامًا:

كل رهانات الأعداء قد باءت بالفشل، وكل أدوات الضعف قد تبدّدت، وكل أوراق العدوان فقدت قيمتها.

بينما يقف الثلاثي الشرير في الخلفية كفاعل رئيسي في إشعال الأزمات، تحاول العدوّ السعوديّة التملّص من إرثها الثقيل في العدوان والتدخل. 

لكن المشهد اليوم لا يمنح أحدًا رفاهية المراوغة؛ فالخيار واضح: إما الاعتراف بحقوق اليمن السيادية والتعويض عما دمّـر خلال سنوات العدوان، أَو مواجهة استحقاقات أقسى مما سبق.

بين الجهوزية والنفير.. يولد مشروعُ التحرير

ما يحدث اليوم ليس اندفاعًا أعمى، بل هو نتيجةُ تراكم الوعي الشعبي والإرادَة الوطنية التي تجسدت في خطاب واضح: السيادة لا تُستردّ بالانتظار، والوطن لا يُبنى بأنصاف الحلول. 

لقد أصبح اليمن قوةً بقيادة ربانية وشعب واعٍ وجيش قوي مسلَّح بالإيمان والعزيمة.

الجهوزية هنا ليست استعراضًا عسكريًّا، بل هي تعريف جديد للدولة وقدرتها على فرض إرادتها. 

والنفير ليس دعوة للعنف، بل هو عودة الصوت المجتمعي إلى مكانه الطبيعي: إلى جانب الوطن حين تحين ساعة الفصل.

وفي هذه اللحظة الحاسمة، يتجلّى الفرق بين من يرى في هذا التحول فرصةً لبناء مستقبل مستقل، وبين من يراه تهديدًا لمصالحه المرتبطة بالخارج. فهؤلاء يكتشفون أن الأبوابَ تُغلَق أمامهم، وأن ظل الحماية الأجنبية يتلاشى، وأن ما تبقى لهم ليس سوى أوهامًا سياسية تتآكل مع كُـلّ لحظة.

الرسالة الأخيرة للعدوان

اليمن اليوم لا يسعى لتصفية حسابات، بل لتصفيةِ مرحلة كاملة؛ مرحلة التضييق والهيمنة والتبعية. الرسالة واضحة:

العودة إلى احترام السيادة اليمنية هو الطريقُ الوحيدُ لتجنب العواقب الأشد.

ودفع ثمن ما دمّـرتُموه – عسكريًّا واقتصاديًّا وإنسانيًّا – لم يعد خيارًا قابلًا للتأجيل أَو المساومة.

وفي المقابل، فإن الحديثَ عن "الضربة القاضية" ليس تهديدًا بالتصعيد، بل هو توصيف لحقيقة مفادها: إذَا لم تُفتح أبواب الحل سلميًّا، فستفرضها حقائق الميدان.

ختامًا.. زمنٌ يُطوى وزمنٌ يبدأ

الجهوزية ليست مُجَـرّد إعلان، بل هي بداية زمن الحسم.

والنفير ليس مُجَـرّدَ صدى لقبيلة، بل هو إعلانُ وطن قرّر أن يتولى أمرَه بنفسه.

وبينهما، تُكتَبُ اليومَ سطورٌ جديدة من تاريخ لا يقبل التأجيل، ولا ينتظر إذنًا من أحد.

فالمرحلة القادمة ليست مرحلة انتظار.. بل هي مرحلة تقرير المصير.