• العنوان:
    من الميدان إلى الشبكة.. أساليب العدوّ في الحرب الحديثة
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في الحروب الحديثة، لم يعد التفوق الجوي وحده كافيًا لتحقيق نصر حاسم.. يدرك العدوّ هذه الحقيقة جيِّدًا، ويعلم أن فعالية ضرباته الجوية تعتمد كليًّا على قدرته على استهداف ثلاثة عناصرَ رئيسية تشكل العمود الفقري لأية قوة: سلاسل التوريد، مراكز القيادة، ومراكز التصنيع العسكري.. هذا العجز الميداني دفعه إلى تبني استراتيجية مزدوجة، تنتقل من المواجهة المباشرة إلى الحرب الخفية.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

المسار الأول: خنق شرايين الإمدَاد

ركّز العدوّ على استهداف سلاسل التوريد بشكل مباشر وغير مباشر.

تمثل الاستهداف المباشر في قصف الموانئ، المصانع، محطات الطاقة، النقاط اللوجستية، والبنى التحتية الحيوية.

أما الاستهداف غير المباشر، فكان أكثر خبثًا، حَيثُ تمثل في فرض إجراءات ضغط اقتصادية ومؤسّسية تهدف إلى تقويض القدرة التشغيلية والتمويلية للدولة، وخنقها ببطء.

المسار الثاني: الحرب الاستخباراتية والرقمية

عندما فشل الضغط المادي في تحقيق أهدافه بالكامل، صعّد العدوّ من حربه في الظل، معتمدًا على نهج استخباراتي وتقني مكثّـف.

شمل ذلك تكثيف جمع المعلومات من المنصات الرقمية، واستغلال أدوات الهندسة الاجتماعية للتلاعب بالأفراد، ومحاولة تجنيد عملاء داخل القطاعات الحساسة، واستغلال أي ثغرة تقنية أَو بشرية للوصول إلى المؤسّسات الحيوية.

وقد أَدَّت هذه الممارسات في السابق إلى بروز مواطن ضعف في بعض القطاعات، ووقوع حوادث سيبرانية متفرقة.

الخلاصة: المعركة لم تنتهِ، بل تغير شكلها

إن توقف القتال المباشر لا يعني أبدًا انتهاء المواجهة.

بل يعني انتقالها إلى مرحلة أكثر خطورة وتعقيدًا: الحرب الاستخباراتية وحرب المعلومات.

هذه هي المعركة التي تستهدف الوعي الجمعي والوحدة الوطنية، وتسعى لتفكيك الجبهة الداخلية من خلال التضليل وبث الشكوك.

لذا، ستستمر محاولات العدوّ في استغلال الثغرات الأمنية والتقنية والبشرية للوصول إلى هدفه الثالث والأهم: مراكز التصنيع العسكري.

وما حدث مؤخّرًا في منصة "وعي" ليس حادثًا معزولًا، بل هو جزء من هذه الديناميكية المُستمرّة، وربما كان محاولة لتشتيت الانتباه عن ملفات أُخرى أكثر حساسية.

ما العمل؟ اليقظة والحصانة الداخلية

المواجهة في هذه المرحلة تتطلب استراتيجية دفاعية مضادة، ترتكز على ما يلي:

تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة: لضمان عدم وجود أي تهاون في الإجراءات الأمنية.

حملات توعية مركزة: تستهدف العاملين في القطاعات الحساسة لتحصينهم ضد مخاطر التجنيد والاختراق الرقمي.

خطط طوارئ وبدائل: اعتماد خطوط تواصل بديلة ومؤمنة لضمان استمرارية العمل في أوقات الأزمات.

الجدية والحذر: التعامل مع أي حادث أمني، مهما بدا صغيرًا، بجدية تامة، مع التحلي باليقظة الدائمة والاستعداد لأي سيناريو.

إن الحرب القادمة هي حرب عقول ووعي، والانتصار فيها يعتمد على مدى تماسكنا الداخلي وقدرتنا على تحصين أنفسنا ضد محاولات الاختراق والتضليل.

تغطيات