• العنوان:
    الذكرى السنوية للشهيد.. عهد يتجدد
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    إن طريق الشهادة ليست كلماتٍ أَو مُجَـرّد حروف تُقال، إنما هي أذرع خفية تمتد إلينا؛ تارةً تضمّنا فتربت على جراحنا، وتارةً أُخرى تواسينا، إنها كالماء.. قد تكون جرعة حياة تروي العطش، وقد تكون موجة عاتية تغرق القلب، تبنيك وتحييك، أَو تحاصرك وتكسرك، لكنها دائمًا تترك فيك أثرًا لا يزول.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

‏يا من خطوتم درب السماء بأقدامٍ طاهرةٍ لا ترتجف أمام الفناء، أأبثكم النداء أم أخاطب نفسي المرهقة من خوف السؤال؟ أنتم، بدمائكم التي جادت بها قلوبكم، تركتم لنا إرثًا يفيض بالجهاد، وأيقظتم فينا سؤالًا: كيف بلغتم من العظمة مقامًا تعجز عنه الكلمات؟

نستحضر أرواحكم، فنرى شهداء كربلاء وهم ينادونا: فيأتي ردّكم صاخبًا عبر أجيال لم تنقطع: ما تركناكَ، أنها ليست صفحةً في كتاب التاريخ، بل صرخة تتردّد كلما احتاجت الأرض دمًا ليحفظ كرامتها وعرضها ومقدّساتها..

رحلتم عن دنيا الزيف لتلحقوا بركب الصّالحين والخالدين، فهل أنتم الآن تروون لهم حكاياتكم؟ أم تواسون بنت رسول الله وهي تفيض بحكايات الصبر والجَلَد؟ أنتم من علّمتمونا أن شرف الحياة لا يُنال إلا بطهارة النفوس، وأن الكرامة لا تُسترد إلا بدمٍ مقدّس.

فيا نفوسنا اللوامة، ما عذرك وأنتِ تشهدين؟ أتبكينهم أم تبكينكِ؟ أُولئك لم يكونوا مُجَـرّد رجال، بل حجّـة الله علينا.

نناجيهم وكأنّهم قريبون، وكأنّ أيديهم المضرّجة تدعونا للمضيّ، فأجيب: غفرانكم يا سادة القافلة إن تأخرنا عن عهدنا، ولكننا على العهد سائرون كجذور الطُهر في تربة العز.

من رحم التضحيات.. ومن رحم الشهادة: ولادةً أُسطوريةً لنهضةٍ جديدةٍ لمن قدّموا الدمَ والجهدَ والهمَّ والهمّةَ في زمنٍ تمرّ فيه أمّتنا بمرحلةٍ خطيرة، وتتقاعس فيه عن مواجهة العدوّ الإسرائيلي رغم ظلمه وطغيانه.

إن مسيرتنا القرآنية تَنْطَلِقُ وتنمو وتتعاظم وتُخرِج لنا جيلًا قرآنيًّا يحمل راية التوحيد، ويصنع بإيمانه معجزاتِ بعثٍ وإحياء.

إنهم يذكّروننا بأن فلسطين ليست أرضًا للتفريط، وأن القدس ليست مسجدًا للمساومة، وأن الأقصى ليس معلّقًا في هواء النسيان.

ونحن نرى هذا الشعب في لوحةٍ إبداعيةٍ تعكس عظمةَ مواقفه وقوةَ إيمان أبنائه؛ إذ لم يكونوا جيشًا منظّمًا، أَو مليشيا حزبيةً أَو فئويةً، بل يعكسون تنوع هذا الشعب من كُـلّ أطياف نسيجه الاجتماعي، وهذا يمثل شاهدًا يلجم أفواه أعدائهم ويملأها ترابًا.

وحين نتأمل صورهم وابتسامات آمالهم، ونقرأ خلفها دوافعهم التي استسهلوا؛ مِن أجلِها ركوب الأخطار، واستعذبوا في سبيلها المعاناةَ والجراح.

وبين استسلام يفضي إلى الذلّ، وجهادٍ يفضي إلى العِزّة..

نختار الطريق الذي سلكه الأبطال في غزة واليمن ولبنان.

لأن الأُمَّــة التي تقدّم الشهداء، هي أُمَّـة حيّةٌ لا تقبل الذلّ والهوان والاستعباد.

شهداؤنا: كانوا رجالَ مشروعٍ، أصحاب فكرٍ، حاملين لقضيّةٍ، كانوا هم شهداءَ القضية العادلة، والموقف المشروع، والهدف المقدّس، كانوا هم شهداءَ الأُمَّــة كُـلّ الأُمَّــة.

لقد كانوا مدرسةَ التقوى، التي هي مدرسةُ الأنبياء العظام، والتي هي مدرسةُ أولياء الله والصالحين من عباده.

مدرسةُ الشهادة هي سوقُ الله الذي تاجَر فيه أولياؤه الصالحون، فربِحوا التجارةَ وفازوا الفوزَ العظيم.


تغطيات