وأوضح الخبير العسكري، العقيد أكرم كمال سيروي، أن العالم اليوم أمام "مشهد سريالي" يكشف طبيعة المشروع الأمريكي في المنطقة، مشروع يقوم على صناعة التنظيمات الإجرامية المتطرفة من الصفر، تماماً كما تنتج شركات التكنولوجيا الأمريكية الفيروسات ثم تتاجر ببيع برامج الحماية منها.

وأكد العقيد سيروي في لقاء مع قناة المسيرة، اليوم الجمعة، أن واشنطن تسمح بنشوء تنظيمات تكفيرية افتراضية عبر وسائل التواصل التي تملكها، ثم تموّلها وتسلّحها وتطلقها في ساحات الصراع، قبل أن تعرض على دول المنطقة خدماتها العسكرية بذريعة حمايتها من «الخطر الإرهابي» الذي صنعته هي نفسها.

وأشار إلى أنّ هذا السيناريو شهدته سوريا والعراق وليبيا والسودان، حيث كانت الولايات المتحدة اللاعب الأبرز في تدمير الجيوش الوطنية، ومنع قيام أي دولة عربية قوية يمكن أن تشكّل عائقاً أمام تمدد الاحتلال الصهيوني، مؤكداً أن واشنطن لن تسمح بعودة سوريا كدولة قوية أو بجيش قادر على مواجهة العدو، وأن كل ما يجري اليوم هو محاولة لإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالحها ومصالح الاحتلال.

ولفت الخبير العسكري إلى أن تقديم واشنطن لقيادة "الجولاني" اليوم كشريك في محاربة ما يسمى "داعش" يكشف حجم الازدواجية الأمريكية، إذ كان الرجل قبل سنوات مصنفاً "إرهابياً" ومطلوباً لديها، فيما بات اليوم أداة تُستخدم في مشروعها العسكري والسياسي.

وأفاد أن الجماعات التكفيرية التي حاولت واشنطن وبعض الدول العربية استخدامها سابقاً لفتح جبهة شمالية ضد حزب الله فشلت بسبب قرار الجيش اللبناني الحاسم في المواجهة، مؤكداً أن أي محاولة لإعادة إحياء هذا السيناريو لن تمر، وأن الجيش سيكون في الميدان لمنع توريط المقاومة في معارك جانبية.

وفي ما يتعلق بما يسمى عودة سوريا إلى المجتمع الدولي، قال العقيد سيروي، إن الولايات المتحدة تحاول إظهار النظام السياسي الجديد في سوريا كأنه منخرط في المنظومة الدولية، لكنها في الواقع تعمل على تقسيم سوريا عملياً، وتمنع قيام دولة موحدة قادرة على ممارسة سيادتها، وتسعى إلى إبقاء القرار السياسي والعسكري مرهوناً بالمصالح الأمريكية والصهيونية، مبيناً أن ما يجري ليس عودة فعلية للدولة السورية، بل عنوان سياسي يُستخدم لإعادة رسم الخارطة بما يضعف القوى المناهضة للعدو الصهيوني، ويحدّ من دورها الإقليمي، موضحاً أن المشروع الأمريكي يهدف إلى خلق سلطة ضعيفة، منزوعة القدرة، قابلة للإملاءات، لا تمتلك مقومات الدولة القادرة.