• العنوان:
    ذكرى الشهيد.. معنى يتجدّد ومسؤولية تتعاظم
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في الذكرى السنوية للشهيد 1447هـ يقف اليمنيون أمام محطة روحية وسياسية تتجلى فيها معاني التضحية والصمود كتجربة حيّة صنعت حضورها في واقع المواجهة وميادين الوعي؛ فليست هذه المناسبة مُجَـرّد طقس احتفائي أَو استحضار لعاطفة الفقد، بل هي مساحة لمراجعة النهج الذي اختطه الشهداء وتأكيد الارتباط بالمشروع الذي قدّموا أرواحهم؛ مِن أجلِه.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

لقد مثّل الشهداء، منذ بداية العدوان وحتى اليوم، الركيزة الأَسَاسية في معادلة الردع، وجوهر التحول الذي نقل اليمن من موقع المستهدف العاجز إلى موقع التأثير الحاضر في الإقليم.

فدماء الشهداء لم تكتفِ بصدّ الهجمة، بل أسست لوعي جمعي يدرك أن الحرية لا تُمنح، وأن الكرامة تُصان بالموقف قبل السلاح، وبالإيمان قبل الإمْكَانات.

هذه الذكرى تعود اليوم في ظل لحظة سياسية تتشابك فيها ملفات المنطقة، وتتعاظم فيها محاولات الهيمنة الأمريكية على شعوبنا، خُصُوصًا بعد انكشاف الارتباط المباشر بين العدوان على اليمن وبين جهود واشنطن لإبقاء المنطقة خاضعة لمنطق القوة.

ومن هنا، لا يمكن فصل تضحيات الشهداء عن سياق الصراع الأوسع الذي تخوضه الأُمَّــة مع مشروع الاستكبار.

إن أحد أهم أبعاد هذه المناسبة هو إعادة إنتاج الوعي الذي يمنع تكرار الأخطاء، ويؤكّـد أن مشروع الشهداء ليس مُجَـرّد رد فعل على اعتداء، بل رؤية شاملة لبناء دولة عادلة وقوية ومستقلة.

ولهذا فإن مسؤولية الاستمرار في المسار الذي رسموه لا تقع على كتف جهة دون أُخرى، بل هي التزام جماعي يبدأ من تعزيز الجبهة الداخلية، وترسيخ القيم التي حملها الشهداء: الإخلاص، النزاهة، الاستقامة، وحماية المصلحة العامة.

كما أن استحضار الشهداء اليوم يفرض على القوى الوطنية تعزيز تماسكها، وتقديم الأولويات الكبرى على الخلافات الجزئية، فالعدوّ ما يزال يتربص، والحصار ما زال قائمًا، ومشاريع التفتيت لم تتوقف.

وهذا يتطلب أن يتحول إرث الشهداء من ذاكرة عاطفية إلى برنامج عمل واقعي يُترجم في مؤسّسات الدولة، وفي مستوى الوعي الشعبي، وفي حضور اليمن الفاعل ضمن محور المقاومة.

في الذكرى السنوية للشهيد 1447هـ يتجدد السؤال الجوهري: كيف نصون دماءهم؟ والإجَابَة الواضحة هي أن نصون مشروعهم، وأن نواصل الطريق بثبات، وأن نحول تضحياتهم إلى قوة تردع العدوّ وتبني الوطن.

فالشهداء هم بوصلة الاتّجاه، وهم عنوان المرحلة، وهُم القيمة التي لا يجوز التفريط بها في زمن تتداخل فيه المواقف وتختبر فيه الشعوب معدنها الحقيقي.