وتشير الخروقات المتواصلة من قبل الاحتلال إلى أن الهدوء النسبي الذي أعقب العدوان الأخير ليس سوى هدوء مؤقت، فيما يستمر الكيان المحتل في ممارسة سياسة استنزاف ممنهجة تجاه المدنيين والبنى التحتية الحيوية.

وتتواصل تتواصل الانفجارات والاشتباكات، في اليوم السابع والعشرين خصوصًا في المناطق التي يتمركز فيها جيش الاحتلال على طول الخط الأصفر الممتد من جنوب غزة إلى شمالها.

 ويحتل العدو مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية ووحدات سكنية، ويقوم بتفجيرها بين فترة وأخرى، ما يضاعف معاناة المواطنين الفلسطينيين ويفاقم أزمة السكن بشكل كارثي في شمال وشرق القطاع، بما في ذلك مدينة خان يونس وشرق دير البلح ووسط القطاع وفق مراسلتنا في قطاع غزة، دعاء روقة.

وأضافت أن إطلاق النار استمر بشكل مكثف من قبل آليات الاحتلال، فيما استهدفت وحدات الاحتلال حي الشجاعية شرق مدينة غزة، ما يعكس عدم التزام الاحتلال بأي من بنود اتفاق وقف العدوان على غزة

تدهور غير مسبوق

ويشهد الوضع الإنساني في القطاع تدهورًا غير مسبوق، رغم مرور أكثر من سبعمئة يوم منذ بداية العدوان الأخير على غزة، فإن الاحتلال لم يلتزم بفتح المعابر بشكل كامل لإدخال المساعدات الإنسانية. حيث يوضح تقرير المكتب الإعلامي الفلسطيني أن الاحتلال لا يسمح بإدخال الكميات المطلوبة يوميًا من المواد الغذائية والطبية، حيث يقتصر دخول الشاحنات على نسب قليلة من السلع الأساسية، فيما تبقى معظم الاحتياجات عاجزة عن الوصول إلى المستشفيات والعيادات، ما يزيد من تفاقم معاناة المرضى والمصابين.

الاحتياجات الأساسية لمواطنين فقدوا منازلهم لم تُلبَّ بعد، مع اقتراب فصل الشتاء، ما يجعل الخيام والملاذات المؤقتة التي يقطنها السكان غير صالحة للحياة.

وكشفت المراسلة أن الخيام التي تم توفيرها قبل سنوات عديدة باتت مهترئة بالكامل، ولا توفر أي حماية من البرد أو من الظروف الجوية القاسية، في حين أن الاحتلال لا يسمح بإدخال البيوت المتنقلة والكرافانات، ما يفاقم أزمة الإيواء ويضع السكان في مواجهة مباشرة مع موجة البرد الشتوي.

وتضيف الأزمات الغذائية والصحية عبئًا إضافيًا على سكان غزة. ونقلًا عن المراسلة، هناك نقص حاد في اللحوم، الأسماك، والدواجن، فيما لا تُدخل المواد الغذائية الأساسية بالكميات الكافية، وهو ما أدى إلى تفاقم حالات سوء التغذية بين الأطفال وكبار السن.

أما المستشفيات، فهي شبه منهارة بسبب نقص الأدوية والمعدات الطبية، مع سيطرة الاحتلال على الإمدادات الطبية ومنع دخول المعدات الثقيلة اللازمة لرفع الأنقاض والبحث عن الشهداء، مما يعرقل عمل الدفاع المدني والبلديات والطواقم الطبية، ويزيد من عدد الوفيات بين المرضى الذين يحتاجون لعلاج عاجل.

في المعابر، خصوصًا معبر رفح، ما زال الاحتلال يفرض قيودًا صارمة على حركة المرضى والمصابين، ما تسبب في حالات وفاة بسبب عدم توفر العلاج والأدوية الضرورية. ويشير دعاء، إلى أن هذه السياسات جزء من استراتيجية ممنهجة تستهدف إضعاف القدرة الإنسانية لسكان القطاع، وضرب صمودهم اليومي، مع استمرار منع إدخال الوقود والسلع الأساسية اللازمة لتشغيل المستشفيات والمرافق الحيوية.

على الرغم من هذه الظروف، تؤكد المراسلة أن المقاومة في غزة ملتزمة ببنود وقف العدوان، وتراعي حماية المدنيين بقدر المستطاع، فيما يظهر الاحتلال الصهيوني تنصله الكامل من التزاماته الإنسانية، مع استمراره في استهداف البنى التحتية المدنية والزراعية، ما يجعل الهدنة الحالية هشّة ومعرضة للانفجار في أي لحظة.

وتشير إلى أن التلاعب الصهيوني بالبروتوكولات الإنسانية وفرض حصار غير معلن، لا يهدف إلا إلى تفتيت صمود السكان، وإرغام القطاع على الاستسلام، وهو ما يرفضه المواطنون والمقاومة على حد سواء، مضيفة أن الوضع الإنساني في القطاع حرجًا بشكل لم تشهده سنوات طويلة، مع تهديد مباشر لحياة آلاف المدنيين، وخصوصًا الأطفال وكبار السن والمرضى الذين يحتاجون للرعاية الطبية المستمرة.