• العنوان:
    الكتاب المفتوح يحسم المعادلة ويفشل أبعاد التصعيد الصهيوأمريكي على لبنان
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    خاص | منصور البكالي| المسيرة نت: في لحظة حرجة يمر بها لبنان على الصعيدين الداخلي والخارجي، برز الكتاب المفتوح الذي أصدره حزب الله كخطوة استراتيجية استباقية، شجاعة، ليشكل ضربة سياسية حاسمة قبل انعقاد جلسات الحكومة اللبنانية حول ملف السلاح وحصره بيد الدولة.
  • كلمات مفتاحية:

ويأتي هذا التحرك في وقت تصاعد فيه العدوان الصهيوأمريكي على لبنان، عبر الضغوط والغارات الجوية والاعتداءات العسكرية، وجرائم الحرب، ومحاولات الابتزاز السياسي والاقتصادي، في ظل استلاب المنطقة وتوسيع معادلة الاستباحة وتثبيتها، وتصاعد التحركات العدو الصهيوني الأمريكي المشترك لتقييد سيادة لبنان والحد من قدرة المقاومة.

ويعكس إصدار "الكتاب المفتوح" قدرة حزب الله على تحويل النقاش العسكري والسياسي إلى معركة شرعية وسياسية دبلوماسية بحرفية وأبعاد استراتيجية، يحدد فيها قواعد اللعبة داخليًا وخارجيًا، ويضع الحكومة اللبنانية والشعب أمام مسؤولية الحفاظ على السيادة والوحدة الوطنية.

 كما يبرز النص قدرة المقاومة اللبنانية على فرض معادلة الردع الميداني والسياسي، وتجنيب لبنان الانزلاق نحو أية مفاوضات أو خطوات خارج إطار الإجماع الوطني.

مستجدات الميدان والاعتداءات الصهيونية

في هذا الصدد أكدت مراسلة قناة المسيرة، زهراء حلاوي، أن جنوب لبنان شهد سلسلة غارات جوية مكثفة نفذها الطيران الحربي للعدو الصهيوني، مستهدفة بلدات الطيبة، تردد الشرقية، عائشة، جبل، وكفر دونيا. وأسفرت الغارات عن أضرار مادية كبيرة في المباني، فيما اقتصرت الخسائر البشرية على استشهاد مواطن واحد وإصابة ثمانية آخرين نتيجة استهداف منطقة منجرة خشب بالقرب من معمل الحديد في منجرة.

ولفتت حلاوي إلى أن هذا التصعيد جاء بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء اللبناني لمناقشة خطة الجيش في حصر السلاح بيد الدولة، حيث اقترح قائد الجيش اللبناني اللواء يوسف حمود تجميد تنفيذ أي خطة انتشار على طول الشريط الحدودي في ظل استمرار الانتهاكات الصهيونية، مؤكدًا أن الدعم الأمريكي المقدم للجيش لا يرقى إلى مستوى حماية الحدود أو الردع الفعلي للعدو.

اعتبارات الخبراء والمحللين

في هذا السياق، أكد الخبير العسكري العميد علي أبي رعد لقناة المسيرة أن: "العدو الصهيوني يسعى إلى خلط الأوراق الداخلية وفرض إيقاع تفاوضي يخدم أطماعه، لكنه فشل في إدراك أن لبنان يمتلك معادلة ردع حقيقية، وأن الجيش اللبناني لن يتحول إلى أداة تنفيذ رغبات واشنطن أو تل أبيب".

من جهته، أشار الخبير في شؤون العدو الصهيوني الأستاذ علي حيدر إلى أن: "ما يقوم به العدو في لبنان لا يقتصر على استهداف ميداني، بل جزء من استراتيجية لإخضاع لبنان سياسياً وميدانياً بالتنسيق الكامل مع واشنطن، وأن أي تنازلات تقدم للأمريكي هي في حقيقتها للعدو الصهيوني مباشرة، ليكون الأول مجرد وكيل على الطاولة وليس وسيط.

وأضاف أن المقاومة أعادت بناء قدراتها العسكرية بشكل أسرع من مفاعيل الاستهدافات، وهو ما أربك الكيان المؤقت وأفقده القدرة على قراءة واقع الميدان.

أما العضو السابق في كتلة الوفاء للمقاومة الدكتور نزيه منصور، فأوضح أن: "تصعيد العدو يستهدف تعطيل الحياة المدنية والبنى التحتية التي تساهم في دعم البيئة المقاومة، وأن أي تنازل أمامه سيزيد جرأته وتصعيده".

مؤكدًا أن حزب الله في "الكتاب المفتوح" وضع الرؤساء الثلاثة أمام مسؤولية حماية السيادة وليس الانصياع لضغوط الخارج.

كما أكد الخبير السياسي الاستراتيجي الدكتور وسيم بزي أن: "الحكومة اللبنانية لم تدرك مخاطر الخطوات المتسرعة المتعلقة بحصر السلاح، في وقت تتصاعد فيه الاعتداءات على الجنوب، وأن المرحلة الراهنة تتطلب توحيد الجهود الوطنية، ورفض أي مفاوضات قد تسقط لبنان في فخاخ سياسية صهيونية أمريكية".

ضربة سياسية استباقية

قبل ساعات من اجتماع الحكومة، أصدر حزب الله ما عرف بـ "الكتاب المفتوح"، موجّهًا إلى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني، ليكون بمثابة وثيقة ردع سياسي استباقية تحدد قواعد اللعبة في ملف السلاح والعلاقة بين الدولة والمقاومة.

وبتأمل في توقيت إصدار الكتاب فكان مدروسًا بعناية ليواكب مناقشات الحكومة حول تسلّم الجيش لمخازن سلاح الحزب، ويشكل تحذيرًا صريحًا لأي محاولة نزع السلاح أو وضعه تحت وصاية الدولة من دون توافق وطني.

وأشار الكتاب إلى أن أي خطوة رسمية منفردة في ملف السلاح تشكل خيانة للسيادة الوطنية، وأن ما لم يُنتزع بالحرب لن يُنتزع بالسلم، مؤكّدًا أن المقاومة ملتزمة بقرار 1701 واتفاق وقف النار الأخير، وأن أي خرق للاتفاق يأتي من جانب كيان العدو الصهيوني حصراً.

ويحوّل الكتاب النقاش من الطاولة الحكومية إلى الرأي العام اللبناني، واضعًا الرؤساء الثلاثة تحت مجهر الشعب، مع إعادة تعريف العلاقة بين الجيش والمقاومة على قاعدة التكامل الوطني.

الشرعية الدفاعية

هنا اعتمد حزب الله في نص الكتاب على لغة قانونية ودستورية دقيقة، مستندًا إلى نصوص القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، ليقدم تفسيره الخاص لـ "الشرعية الدفاعية"، التي ترى أن المقاومة مكوّن مؤسّس في الدولة اللبنانية، ملتزم بالقانون الدولي طالما احترم الآخر الاتفاقات.

وبهذا الشكل، نجح الحزب في قلب المعادلة من منطق التهديد إلى منطق الشرعية، مؤكّدًا أن السلاح ضرورة لحماية لبنان في مواجهة عدوان صهيوني أمريكي مستمر.

كما جاء في نص الكتاب دعوة واضحة إلى وقفة وطنية موحّدة" و"تقدير صبر الشعب المقاوم والأبي"، في محاولة لإعادة تعبئة الرأي العام اللبناني حول مفهوم جديد للسيادة، يتجاوز الاصطفاف الطائفي والحزبي، ويضع كل القوى أمام مسؤوليتها الوطنية.

قراءة المستقبل

تؤكد المعطيات الراهنة أن المعركة بين المقاومة والعدو الصهيوني تجاوزت حدود المواجهة العسكرية لتشمل الأبعاد السياسية والاستراتيجية، حيث أصبح الرد بالمستوى نفسه قاعدة ثابتة للسيادة والدفاع عن الأرض والشعب.

وتشير الخبرات والتحليلات إلى أن المقاومة اللبنانية، بدعم تلاحم المجتمع ووحدة الصف الوطني، قادرة على إفشال كل محاولات الاستسلام أو التفاوض غير المتوازن، ما يجعل أي اعتداء مستقبلي فرصة لتعزيز معادلة الردع الميداني والسياسي.

وفي هذا السياق، تبدو الصورة المستقبلية واضحة: لبنان بمقاومته وشعبه الموحد سيظل صخرة منيعة أمام مشاريع الهيمنة الصهيونية الأمريكية، وستستمر معادلة الردع كضمانة حقيقية للحفاظ على السيادة الوطنية والاستقرار الإقليمي، مع بقاء الخيار الاستراتيجي للمواجهة والصمود حاضرًا في كل التحديات المقبلة، سواء على الصعيد العسكري، أو السياسي أو الشعبي.