• العنوان:
    اليمن بين القوة الإيمانية والتحَرّكات العدوانية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    إن المتأمل في واقع الأُمَّــة اليوم، والمتتبع لخيوط المعركة المصيرية التي تخوضها ضد أعدائها، يدرك أن القدرة الإلهية تعمل في الخفاء والعلن، لتكشف الحقائق، وتميز الخبيث من الطيب، وتظهر المنافق من المخلص. وفي قلب هذه المعركة، برز اليمن الشامخ، شامخًا بعزيمته، شامخًا بإيمانه، شامخًا بتضحياته، ليكون مفاجأة العدوّ والصديق على حَــدٍّ سواء.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

ما قام به اليمن من إسناد لإخواننا في غزة هو تحول استراتيجي في موازين القوى. لقد كانت الضربات البطولية للقوات المسلحة اليمنية موجعة ومؤثرة، اخترقت كُـلّ الحسابات، وزلزلت كيان العدوّ الصهيوني من أعماقه. لقد أثبت اليمن أن الإرادَة المصممة على نصرة المظلوم لا تقف في وجهها الحصار ولا القصف ولا التهديد. هذه الضربات لم تكن في حسبان "الكيان" ولا من لف لفيفه من القوى الاستعمارية، فجعلتهم يعيدون ترتيب أوراقهم المبعثرة، ويدركون أن ثمة قوة إيمان جديدة ولدت في جنوب الجزيرة العربية، ستشكل خطرًا وجوديًّا على مشروعهم الهالك.

ولأن كبرياء الغزاة لا تسمح لهم بتحمل الذل والإهانة، فقد انكشفت الأقنعة، وبدأت التحَرّكات المكشوفة والخفية تستعد لعدوان جديد على اليمن، وكل هذا خوفًا من نموذج المقاومة الذي يهدّد مشاريعهم في المنطقة.

لم يعد العدوّ يخفي اعتباره لليمن خطرًا عليه، فتصريحات قادته تفيض بالحقد والتهديد، مما يؤكّـد أن ضربات اليمن وصلت إلى عمق القلب.

من خلال متابعة التحَرّكات، نرى أدوات النظام الإقليمي تعمل بلا كلل. فسفر محمد بن سلمان إلى أمريكا لطلب طائرات F35 المتطورة، وتجهيز صفارات الإنذار في الرياض وجدة، وفتح الأجواء السعوديّة للملاحة الجوية من وإلى الكيان عبر الهند، كلها إشارات واضحة لا تخطئها عين البصيرة على أن الرياض تجهز لعدوان جديد على اليمن تلبية لرغبة الكيان وحليفه الأمريكي.

أما الإمارات، التي تتسابق لإثبات ولائها، فقد أنشأت قواعد عسكرية ومدارج طيران في جزر يمنية وعلى الساحل الغربي، المطل على البحر الأحمر. تمهيدًا لدورها كرأس حربة في أي عدوان مقبل، وكشريك استراتيجي في الدفاع وحماية أمن الكيان الصهيوني.

وفي الداخل، لا تزال أدوات الخيانة تعمل. فسفر المرتزِق طارق عفاش إلى البرازيل للقاء وزراء صهاينة وأمريكيين، هو دليل واضح على أن المخطّط يرسم لفتح جبهة الساحل الغربي - منبع العمليات البحرية الباسلة - بمساعدة هذه العصابات. التجهيزات والتحشيدات في الساحل الغربي ليست سوى استعدادًا لمرحلة جديدة من الحرب بالوكالة، بدعم عربي لم يعد خافيًا على أحد.

وفي خضم هذه الاستعدادات العدوانية، يأتي الحوار في مسقط بين صنعاء والرياض، ليبدو للبعض بصيص أمل. ولكن المتأمل في خلفياته يدرك أنه جزء من معركة نفسية وإعلامية. إنه محاولة للتخدير ولفت الأنظار عن التحضيرات الحثيثة للعدوان. فهم لم يلتزموا يومًا بعهد أَو ميثاق؛ لأَنَّ استقرار اليمن وقوته - في نظر سادتهم الأمريكيين والصهاينة - خطر عليهم يجب اجتثاثه. ولكن إدارة الله أرادت أن يجري هذا الحوار لتكشف الحقائق أكثر، وتبين للأُمَّـة كلها من هو الطاعن في ظهرها، ومن هو الحريص على بقاء الكيان الغاصب.

فلم يعي محمد بن سلمان أن آباره النفطية، التي بنى عليها أحلامَ التوسُّع والهيمنة، سيغطي سحاب دخانها المنطقة كلها، شاهدا على زوال مملكة من الظلم قامت.

ولم يدرك بن زايد أن أبراجه الزجاجية الشاهدة، التي تتطاول بها على الشعوب، ستسوى بالأرض وتعود أراضيها صحراوية جرداء كما كانت، أما المرتزِقة والمنتفعون، فلم يستوعبوا الدروس والعبرة من صفحات التاريخ المليئة بسقوط العملاء والخونة، وظنوا أن الولاء للأعداء سيوفر لهم حصانة من قدر الله المحتوم.

وهنا ننصحهم ألا يعتمدوا على كيان هش، سقطه حتمي لا محالة، وهذا وعدُ الله.

وفي نفس الوقت، يريد الله تعالى من خلال مكر هؤلاء وحقدهم أن يطهر أرضه من دنسهم وعمالتهم. لقد ساد الظلم والفساد في الأرض؛ بسَببِهم، وهم يعملون ليل نهار على خلخلة الصف العربي والإسلامي، خدمة لسيدهم الصهيوني ووكيله الأمريكي. ولكن نقول لهم، دعوها فَــإنَّها مأمورة، فمكر الله أقوى، ومشيئته نافذة.

إن تحَرّكهم القادم، سيكون كالمعتاد، يسبقه حملة إعلامية كبيرة، مهمتها التثبيط والإرجاف، والشيطنة والتهويل، والكذب والتزييف، وزرع الشكوك، وترويج انتصارات وهمية. ولكن لنا في الماضي والحاضر دروس وعبر. عندما يواجه الشعب أية حملة إعلامية أَو عسكرية بوعي وإيمان، فَــإنَّها تبوء كلها بالفشل والخسران. فهؤلاء لا يعلمون أن هذه المرحلة قد تجاوزت كُـلّ ما سبقها، فقد نما وعي شعبي هائل، وعي قرآني ممزوج بروحية الجهاد، والبذل، والتضحية. إنه الوعي الذي يرى الأمور على حقيقتها، ولا ينخدع بالحملات الإعلامية المزيفة.

ونحن في اليمن نقف اليوم بثبات لا يتزعزع، نحن جاهزون لكل الخيارات، ونحن على ثقة تامة بنصر الله. الحمد لله لدينا قيادة حكيمة شجاعة، قد حسبت لكل شيء حسابه، وهي تسير على هدى وبصيرة، لا ترهبها قوة العدوّ، ولا تخيفها تجييش الادعياء. إن معركتنا هي معركة إيمان ضد كفر، وحرية ضد استعباد، وكرامة ضد ذل. وهي معركة الأُمَّــة كلها، وعلى الباغي تدور الدوائر.