• العنوان:
    حين يحاول الرمل تقليد الجبال: قراءة نفسية لسلوك الإمارات في اليمن والسودان
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في عالم عربي أنهكته الحروب، خرجت من رمال الخليج دولةٌ تظن أن البريقَ يصنع التاريخ.. تلمِّعُ صورتَها في ناطحات السحاب، وتخبِّئُ خلفَ الزجاج مرايا الغرور.. كلما تضخَّمت حساباتُها البنكية، ظنت أنها وريثةُ الحضارة ووصيةٌ على مصير المنطقة.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

لكن حين تمتدُّ يدُها من دُبَي مول إلى سقطرى اليمن، ومن بورصة الذهب إلى دماء الفاشر بالسودان، يبدو المشهد واضحًا: امبراطورية من ورق تحاول تقليد الجبال، فتنكسر عند أول عاصفة.

 تمد الإمارات يدَها في اليمن والسودان كأدَاة تنفّذ عُقدة نقص موروثة خلفَ قِناع التحالفات.

دولةٌ وُلدت في سبعينيات القرن الماضي تحاولَ فرض حضور يفوق حجمها؛ فتشتري النفوذ، حَيثُ لا تملك جذورًا،وتزرع الخوف، حَيثُ تفشل في نيل الاحترام.

من المال والسلاح والإعلام، إلى الفوضى والانقسام، ثم الحديث عن الاستقرار، تتكرّر السياسات نفسها دون أن تحقّق مشروعًا حقيقيًّا.

حين امتلأت خزائن دبي من الذهب والنفط، ظنت أنها قادرةٌ على شراء الجغرافيا.

فمدت يدَها إلى اليمن تحت شعار دعم الشرعية، وأرسلت ظلَّها إلى السودان لتغذيَ النزاعات تحت ستار "الوساطة"، بينما تسعى لمد نفوذِها نحو البحر الأحمر والقرن الإفريقي وفقَ خريطة رسمَها العدوّ كيان الاحتلال الصهيوني بعناية.

من عدنَ إلى الفاشر، المشهد واحد: دولةٌ ثرية تبحثُ عن مجد مفقود، فتترك وراءها رمادًا ودماء.

 تحب الإمارات أن تقدِّمَ نفسَها كقوة عربية مؤثرة، لكنها في الواقع تنفذ أجندةً "إسرائيلية"–غربية تحاصرُ العروبة من الداخل.

تستورد عقولَ الموساد وتصدر وَهْمَ البطولة، وتغطِّي على خيانةِ تطبيعها العلني بشعارات "الأمن الإقليمي".

كُـلُّ تحَرُّك عسكري أَو استخباراتي في البحر الأحمر اليوم يُدارُ بتنسيق إماراتي–"إسرائيلي"–غربي؛ المال من دبي، والسلاح من كَيان الاحتلال، والدم من صنعاء وعدن وتعز والفاشر.

 في عمق السلوك الإماراتي ملامحُ مراهقة سياسية تبحث عن هُوية.

دولةٌ بلا ماضٍ حضاري حقيقي، تحاولُ كتابةَ تاريخها بالأموال لا بالإنجازات، وتعاني شعورًا بالدونية أمام التاريخ العربي الكبير؛ فتسعى لتحطيم رموزه؛ كي تبدوَ أكبرَ مما هي عليه.

هذه العُقدةُ النفسية تترجمُ إلى سلوك عدواني ضد الدول ذات العُمق التاريخي كاليمن والسودان، وكأنها تحاربُ مرآةً تذكِّرُها بصغرها.

 اليمن -الذي علَّم البشرية معنى الحضارة- صار مسرحًا لتجارب المال النفطي، والسودان -الذي أنجب الثوارَ والمفكِّرين- أصبح ميدانًا لمراهقة إماراتية تظن أن النفوذَ يقاس بالثروة.

لكن اليمني الذي خرج من رمادِ الحرب لا يزال شامخًا كجباله، والسوداني الذي ينزفُ في الفاشر لا يزال يحملُ كرامته على كتفه.

كلاهما يعرفُ أن مَن لا جذور له لا يملِكُ حقَّ العبث بجذور التاريخ.

* باحث في علم النفس الاجتماعي – جامعة صنعاء