• العنوان:
    في الذكرى السنوية للشهيد.. وعيٌ يتجدّد ومشروعٌ لا يموت
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    تحل الذكرى السنوية للشهيد، لا كتقويمٍ زمنيٍّ يُستعاد، بل كمنارةٍ تشعل الوعي في درب أُمَّـة تواجه أعتى مؤامرات الاستهداف والطمس.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

إنها لحظةٌ لاستحضار مكانة الشهادة في مشروع الله، لما لها من قداسةٍ ومقامٍ رفيعٍ عند الله، ومن هذه المكانة نستلهم روح مؤسّس المشروع القرآني، الشهيد القائد السيّد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-، الذي جعل من القرآن الكريم مرجعًا للحياة، لا نصًا معزولًا في بطون الكتب.

في زمنٍ تتقاطع فيه أدوات الحرب الصُّلبة والناعمة، تبرز الشهادة كقيمةٍ تعيد ترتيب البُوصلة، وتعيد تعريف النصر من منظورٍ قرآنيٍّ يرى أن الوعي هو الخط الأول في معركة المصير.

المشروع القرآني الذي أسسه الشهيد القائد لم يكن شعارًا تعبويًّا، بل رؤيةً استراتيجيةً تُعيد للأُمَّـة علاقتها بالقرآن، بوصفه منهجًا شاملًا في طريق الحق، ليزكّي النفس، ويشكّل الوعي، ويوجّه السلوك.

لقد أدرك الشهيد القائد منذ زمنٍ مبكر أن الخطر الأكبر على الأُمَّــة ليس تفوق العدوّ العسكري، بل هزيمة الوعي.

قبل أكثر من عشرين عامًا، تحدث شهيدنا الأقدس -رضوان الله عليه- في درسه الثالث من دروس المائدة عام 2002م قائلًا:

"أن تربطوا أنفسكم في عملكم هذا بالقرآن، وأنت ترشد حاول أن تدور حول القرآن، وتنزل القرآن للناس، وتعرض آياته للناس، وتذكرهم به، لأنك هنا لن تقع في باطل، لن تقع في باطل إذَا كنت تقول به وليس تتقول عليه، هناك من يرجع إلى القرآن ولكنه يتقول على القرآن من منطلق عقائد فاسدة لديه أَو قواعد باطلة ينظر من خلالها إلى القرآن الكريم، فيصبح متقوّلًا عليه، لكن لا، من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عدل".

ومنذ الحرب الأولى الظالمة على الشهيد القائد -رضوان الله عليه-، مُرورًا بالحروب الست، ثم عشر سنواتٍ من العدوان على اليمن، وُصُـولًا إلى عامين من طوفان الأقصى، تبيّن أن هذا الوعي القرآني هو الذي حافظ على تماسك المجاهدين، وأفشل كُـلّ محاولات الاختراق والتزييف.

لقد أثبت الواقع أن القرآن الكريم هو المرجع للإيمان، وهو الضمانة للثبات في زمن التضليل والجور والطغيان، وأن الشعوب التي تستنير به لا تُهزم مهما تنوّعت أساليب الحرب عليها.

في هذه الذكرى، لا نقف أمام الشهداء وقفة رثاء، بل وقفة عهدٍ وتجديدٍ للمسار؛ فهم من أعادوا تعريف القوة بأنها وعي، والثبات بأنه بصيرة، والنصر بأنه التزام بالصراط المستقيم الذي أرشد إليه القرآن.

واليمن اليوم، وهو يواجه جبهات التضليل والاختراق الناعم، أحوج ما يكون إلى هذا الوعي القرآني العملي، ليبقى الشهيد رمزًا للموقف الحق وطريقًا إلى الله؛ فدماء الشهداء دليلٌ على أن وعد الله حق، وأن الشهداء هم المثل الأقدس والأعظم للسير على النهج الذي يقدم التضحيات في سبيل نصرة الحق والمستضعفين.