• العنوان:
    اليمن يعيد إحياء الزراعة: طاقات رسمية وشعبية تواجه عقود الإهمال
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    لطالما كانت الزراعة في اليمن العمود الفقري للاقتصاد الوطني ومصدرًا رئيسيًا للأمن الغذائي، لكن عقودًا من الإهمال الممنهج، والسياسات الاقتصادية غير المستدامة، قضت على كثير من موارد القطاع الزراعي، ودفعت بالبلاد نحو الاعتماد شبه الكامل على الاستيراد الغذائي.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

اليوم، وبعد سنوات من التراجع، تبرز جهود رسمية وشعبية حقيقية لإعادة إحياء هذا القطاع الحيوي، مع إدراك كامل لحساسية القضية الوطنية والاقتصادية.

لقد شهدت اليمن خلال العقود الماضية ضعفًا كبيرًا في الاستثمار الحكومي في البنية التحتية الزراعية، مثل مشاريع الري، وتطوير البذور، وتحديث أساليب الزراعة التقليدية.

أدى ذلك إلى انخفاض إنتاج المحاصيل الأساسية، وتدهور الأراضي الزراعية بسبب الاستنزاف وقلة الصيانة، كما أدى إلى فقدان الخبرات الزراعية الحديثة بين الشباب، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الأمن الغذائي ومستوى المعيشة في المناطق الريفية.

إضافة إلى ذلك، أثرت النزاعات المتكررة على قدرة الدولة على تقديم الدعم اللازم للمزارعين، سواء في شكل تقنيات حديثة، أو قروض، أو شبكات تسويق مناسبة.

كل ذلك جعل القطاع الزراعي في حالة تراجع مزمنة، مع اعتماد كبير على الاستيراد وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

تشهد الساحة الرسمية اليوم تحركًا واضحًا لإعادة الزراعة إلى صدارة الأولويات الاقتصادية، حيث تشمل هذه الجهود:

إطلاق مشاريع البنية التحتية الزراعية: تحديث أنظمة الري، تأهيل السدود، وتحسين شبكات التصريف لضمان الحد من الفاقد المائي.

دعم المزارعين بالمدخلات الأساسية: توفير بذور عالية الإنتاجية، أسمدة ومعدات حديثة، مع برامج تدريبية لتطوير مهارات الزراعة المستدامة.

تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في القطاع الزراعي: عبر حوافز وإعفاءات ضريبية لمشاريع إعادة تأهيل الأراضي الزراعية وإنتاج المحاصيل الأساسية.

لم يقتصر النجاح على الطاقات الرسمية، بل لعبت المجتمعات المحلية دورًا محوريًا في إنعاش القطاع الزراعي:

المزارعون التقليديون والشباب الريفي: عادوا للاستثمار في أراضيهم بعد أن لمسوا جدوى الدعم الحكومي، وبدأوا بتجارب زراعية جديدة تعتمد على تقنيات حديثة وطرق ري موفرة للمياه.

المبادرات الشعبية والجمعيات الزراعية: ساهمت في نشر الوعي بأساليب الزراعة الحديثة، تنظيم التعاونيات لتسويق المنتجات، وتبادل الخبرات بين المزارعين.

التعاون بين القطاعين الرسمي والشعبي: أدى إلى برامج مشتركة لإنشاء مشروعات نموذجية في مناطق متعددة، تعمل على دمج المعرفة التقليدية بالحلول التقنية الحديثة.

ولكي يستعيد القطاع الزراعي دوره الاستراتيجي في اليمن، هناك عدة أولويات يجب التركيز عليها:

الحفاظ على الموارد المائية وحماية الأراضي الزراعية من التدهور والانجراف.

تطوير سلاسل الإنتاج والتسويق لضمان وصول المنتجات إلى الأسواق بأسعار مناسبة.

إدماج الشباب والنساء في الزراعة ببرامج تدريبية وفرص عمل، لضمان استمرار القطاع.

تعزيز البحث الزراعي لتقديم حلول لمشاكل الإنتاج التقليدية ومواجهة تحديات المناخ والجفاف.

إن نجاح القطاع الزراعي في اليمن لن يتحقق إلا بتكامل الجهود بين الدولة والمجتمع المحلي، وبين المعرفة التقليدية والابتكار الحديث.

فبعد عقود من الإهمال المتعمد، يظهر اليوم أن الطاقات الرسمية والشعبية قادرة على إحياء الزراعة، ليس فقط كمصدر للغذاء، بل كرافعة للاقتصاد الوطني واستعادة الكرامة الريفية.

إن اليمن يمتلك كل المقومات الطبيعية والبشرية لتحقيق هذا الإنجاز، والأهم أن الإرادة السياسية والمجتمعية موجودة اليوم أكثر من أي وقت مضى.

*نائب رئيس قطاع تجار ومستوردي ومصنعي المواد الزراعية

تغطيات