وأوضح شعيب في لقاء مع قناة المسيرة صباح اليوم الأحد، ضمن برنامج نوافذ، فقرة جدار ناري، أن الشركات تتعامل مع المستخدم كـ "مرآة رقمية" تنعكس فيها أدق التفاصيل، حيث تُجمع بيانات تشمل المعلومات الشخصية "الاسم، العمر، البريد الإلكتروني"، والموقع الجغرافي الذي يكشف أنماط الحركة والتنقل، وبيانات الاستخدام، المدة الزمنية للمشاهدة، نوع المحتوى، سرعة التمرير على الشاشة، سرعة الكتابة، وحتى نبرة الصوت في المقاطع المسجلة، وكذا المعلومات التقنية، تفاصيل الجهاز ونظام التشغيل ولغة الاستخدام.

وناقشت نافذة جدار ناري نموذج "بنك البيانات" في شبكات التواصل الاجتماعي، كاشفة عن الآليات التي تحوّل المستخدم إلى مصدر أرباح ضخم للشركات التقنية الكبرى.

وقال الإعلامي والخبير بوسائل التواصل الاجتماعي، إن هذه العناصر تدمج لتكوين "ملف شامل" أو "بروفايل معلومات" يُسوق لشركات الإعلانات أو يوظف لـ "التوجيه والتأثير في الرأي العام"، مشيراً إلى أن أكثر من 80% من أرباح الشركات التقنية تأتي من تجارة هذه البيانات.

وأشار إلى أن آليات الجمع ليست عشوائية، بل تتم عبر ما أسماه "المراقبة الناعمة" من خلال تكتيكين أساسيين، سياسة الخصوصية، الموافقة على شروط معقدة وطويلة دون قراءة، بمجرد الاشتراك في الخدمة، وكذا الأذونات (Permissions) الطلب المتكرر للوصول إلى الميكروفون والكاميرا وبنك الصور والملفات، وهو ما يقدمه المستخدم بـ "تجاوب ناعم" طوعي.

وحذر شعيب من أن الخطر الأكبر لا يكمن في التسويق، بل في "السيطرة" و"الهندسة الاجتماعية"، فمن يملك هذه البيانات يملك القدرة على توجيه الرأي العام، التأثير في الانتخابات، و"تحويل التطبيقات الاجتماعية تدريجياً إلى أدوات نفوذ استخباراتي عالمي".

وشدد على أن الخوارزميات اليوم تحلل المزاج والميول والسلوكيات الدقيقة، مستغلة إياها في الاستهداف الجزئي (Microtargeting)، تحديد الأفراد بناءً على بروفايلهم لفهم مدى تأثرهم برسائل معينة أو محتوى مضلل، فقاعات التصفية (Filter Bubbles)، إنشاء "فقاعة" رقمية حول المستخدم لتغذيته باستمرار بما يناسب ميوله، وعزله عن باقي المستخدمين لإخضاعه لكافة أنواع التجارب.

واعتبر الإعلامي والخبير بوسائل التواصل الاجتماعي أن الخوارزميات تتحول إلى "أسلحة متعددة الرؤوس" تستهدف قادة الرأي والصحفيين والسياسيين على المستوى الشخصي والأمني، مبيناً أن التشريعات الدولية، مثل (GDPR) الأوروبية، لا تزال عاجزة أمام هذا التوسع، وأن حماية الخصوصية تتطلب جهداً مزدوجاً، فعلى مستوى الأفراد يتطلب تقليل البصمة الرقمية، فهم إعدادات الخصوصية على الجهاز، إدارة الأذونات بحذر وعدم إعطاء الموافقة الفورية على الوصول إلى الكاميرا أو الميكروفون دون قراءة، استخدام تقنيات الحماية من خلال تفعيل التشفير واستخدام تطبيقات تواصل تؤمن حداً أدنى من السرية.

أما على مستوى الدول العربية دعا شعيب إلى إنشاء "جديد أوروبي" عربي، من خلال سن قوانين حماية للبيانات على غرار القوانين الأوروبية، وهو ما يفتقر إليه المستخدم العربي حالياً، بالإضافة إلى مبدأ الخصوصية بالتصميم، جعل الخصوصية حقاً في تصميم التطبيق وليس فقط في استخدامه، ناهيك عن حق الحذف والنسيان، منح المستخدم الحق في أن يطلب من الجهة التي يتعامل معها حذف بياناته، وكذا منع نقل البيانات دون إذن، اشتراط موافقة صريحة من صاحب البيانات على نقلها أو معالجتها (بيعها للتحليل).

وأضاف الإعلامي والخبير بوسائل التواصل الاجتماعي أن المواطن العربي "مسكين... منتهك الخصوصية"، آملاً في أن يتطور الوعي الفردي وأن يكون الجيل القادم قادراً على الإمساك بزمام الأمور التقنية لحماية مجتمعه وبياناته.