• العنوان:
    خطورة الرواية الصهيونية.. وأهدافها التوسعية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في ظلِّ معركةٍ مصيريةٍ فاصلةٍ تقع ما بين مسلمٍ وصهيوني، تُشيرُ الأحداثُ إلى أن المعركة لم تكن عسكريةً على الأرض فحسب، بل إنها في أصلها رواياتٌ وسردياتٌ مفبركة عبر الإعلام العربي والغربي، حَيثُ إنّها تعمل -هذه السرديات المغلّفة بشاشةِ التلفاز الإلكتروني ومِنصاتِ التواصلِ الاجتماعيّ بشكلٍ عام- على استهداف العقلِ والوعيِ الجمعيِّ معًا.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

الروايةُ الصهيونية لم تكن أحاديةَ البعد أَو ذاتَ توجّـه جانبيٍّ محدّد فحسب، بل إنها تتداخل في عدة توجّـهات، وبعضُها يُطبق على الظاهرِ الإعلاميّ، وأُخرى تُهندَسُ وتُفبرَكُ بمعزلٍ عن الجانبِ الإعلاميّ، حَيثُ إنّ هذه الرواية صُمِّمت كوسيلةٍ ممنهجةٍ لمشروعِ الاستيطانِ والاستعمار في آنٍ واحد.

فهذه الرواية تهدف إلى احتلال أرض شعبٍ وإعطائها لشعبٍ آخر، حَيثُ يتم قطعُ روابط الوطنِ الأصلي وبناءُ هويةٍ جديدةٍ ونسبُها إلى الشعبِ المحتلّ.

أَيْـضًا يتميّزُ هذا الاحتلال بأنه لا يرتبط بالقوميةِ الوطنية أكثر من إنشاء نفسه ككيانٍ منفصلٍ بشكلٍ أُحاديّ؛ يستند هذا الكيان إلى نموذجٍ استعماريِّ إحلالي يقوِم بصيغةٍ لدمجِ خصوصيةٍ دينيةٍ وتاريخيةٍ بحتةٍ ثم ينسبها لنفسه.

أما في الشأنِ التربويِّ والتعليميِّ فالروايةُ الصهيونية تتحَرّك من خلال نظامٍ تشغيليٍّ ممنهجٍ؛ فيعمل هذا النظامُ على ترسيخِ سردياتٍ وثوابتٍ تاريخيةٍ ودينيةٍ فتعملُ هذه السردياتُ على ربطِ المفاهيم السياسية بالمفاهيمِ الدينيةِ والتوراتية، ثم استبدالُ المناهجِ التعليمية الفلسطينية أَو العربية بشكلٍ مُتدرّج، ومن ثم تُطرح الروايةُ الصهيونية كبديلٍ عنها والسعيُ الحثيثُ لتعزيزِ ونفيِ الوجودِ الفلسطيني كشعبٍ يعيشُ على أرضه.

كما أن النظامَ التشغيليَّ الصهيونيَّ المخصّصَ لفبركةِ الروايةِ وتوزيعِها كمَهامٍ عدائيةٍ يُرسّخُ أفكارا مغلوطةً ويبثّها في جميعِ منصاتِ التواصلِ الاجتماعيِّ، كبديلٍ عن الروايات الإسلامية الصحيحة.

ثم يُقدِّمُ الروايةَ الصهيونية كصاحبةِ الرؤيةِ الصحيحةِ لهذا العصرِ الإلكتروني المشوّشِ للأفكار والرؤى السليمةِ والمُجَـرّدةِ عن الثقافاتِ الشائعةِ والمزيفة؛ فهي لم تكن إلا مُجَـرّد أدَاة إعلاميةٍ مؤسّسةٍ للاستعمار وللاستيطانِ فقط.

حيثُ إنّ هناك توجّـهًا صهيونيًّا خطيرًا يستندُ هذا التوجّـه، أولًا إلى تفسيراتِ النصوصِ التوراتيةِ وتثبيتِها كوسيلةٍ ممنهجةٍ تدّعي الحقَّ التاريخيَّ والدينيَّ في فلسطينَ كليهما معًا؛ ثم ثانيًا: يتم توظيفُ الدينِ لخلقِ شريعةٍ دينيةٍ؛ بهَدفِ: الاستيطانِ والاحتلال؛ أما ثالثًا: فيتم العملُ على نفشِ سبغةٍ مقدّسةٍ تزيّنُ المنهجَ الصهيونيَّ كصاحبِ مشروعٍ مقدّسٍ يهدفُ إلى الحريةِ والديمقراطية.

أيضًا الروايةُ الصهيونية تعملُ على خلقِ توجّـه تعدّديٍّ شكليٍّ، حَيثُ إنّ هذا التوجّـه يهدفُ نحو "الانفتاح الشكلي" الذي يُظهرُ الصهيونية أحيانًا كحركةٍ تدّعي الانتماء التعدّديَّ الثقافيَّ والديمقراطيَّ، إلا أنّ في حقيقةِ الأمر هذا ما يخفي هيمنةَ الروايةِ الصهيونيةِ الأَسَاسية التي لم تقتصر على نشرِ الزيفِ وخلقِ الاضطراباتِ الداخليةِ في أوساط الشعوب وتشويهِ وتجريمِ أهل الحقيقةِ وأصحاب الأرض عن حقّهم المشروع.

حيثُ إنّ "الكنيستَ الصهيونيّ" يقومُ بتوزيعِ المهامِ من خلال السماحِ لعددٍ محدودٍ بوجودِ رواياتٍ بديلة -كمثل- أغلبيةِ الأصوات العربيةِ التي تعملُ في الإعلام على خدمةِ الدعايةِ الصهيونية لتعزيزِ الرؤى المغلوطةِ والمنحرفةِ لتمهيدِ الطريقِ؛ بهَدفِ توسيعِ معادلةِ الاستباحةِ الصهيونية ليس لسيطرةٍ على فلسطينِ فحسب، بل على الأُمَّــة بأكملها.

كما أنّ هذه الروايةَ الصهيونيةَ التي تعملُ على شيطنةِ الأُمَّــة وتجريدِها عن القوميةِ الوطنيةِ والدينيةِ والهُويةِ والوجودِ؛ فإنّها تعتمدُ أَيْـضًا على عدةِ توجّـهاتٍ أَسَاسيةٍ؛ حَيثُ تعكسُ هذه التوجّـهاتُ الأَسَاسيةُ قابليةَ لتحوّلِ "الجيوديموغرافي" من الحريةِ إلى التبعيةِ والارتهان والهيمنةِ والاحتلال على مستوى المنطقةِ ككل.

في الختام، إنّ الروايةَ الصهيونية تسعى جليًّا نحو تجريدِ الأصولِ من مضامِينِها الأَسَاسيةِ ومن ثم العملِ على استبدالِها بمضامينَ تعسُّفيةٍ مُجَـرّدةٍ عن التمسكِ بالحقِّ والهويةِ والدينِ والتاريخِ والمقدّساتِ الإسلامية.، حَيثُ ما هوَ المتطلّبُ اليوم من قبلِ الأُمَّــة هو الوعيُ والإدراكُ والبصيرةُ لكلّ هذه المساعي الصهيونية التي تهدفُ إلى شيطنةِ الأُمَّــة وتحويلِها إلى ساحةٍ مفتوحةٍ ومهيّأةٍ للهيمنةِ والاستيطان.

تغطيات