• العنوان:
    كيف نقرأُ خطابات السيد القائد ونستجيبُ لنداء العمل؟
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    إنَّ الكلماتِ ليست مُجَـرّد أصوات تتردّد في الأثير، بل هي بذورٌ تُزرَعُ في تربة الوعي، وتوجيهاتٌ ترسُمُ خارطةَ الطريق.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

وفي خضمِّ الأحداث المتسارعة والتحديات الجِسام، يبرز خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي –حفظه الله– كبُوصلةٍ إيمانيةٍ لا تكتفي بتشخيص الواقع، بل تدلّ على الموقف الصحيح منه، وتحدّد المسار، وتصقل الروح.

إنَّ النظرَ إلى هذه الخطابات العظيمة يجب أن يكون نظرةَ اهتداء واستشرافٍ لا استماعا فحسب، واستجابتنا لها يجب أن تكون تجسيدًا عمليًّا لا مُجَـرّد إعجابٍ عابر.

ولأنَّ عمق الخطاب يكمن في طريقة الاستنباط، فالسيد القائد لا يوجّهنا دائمًا بصيغة الأمر المباشر، بل يفتحُ لنا نوافذَ على الكمال الذي يُرادُ منا بلوغُه، والنقص الذي يجبُ علينا اجتنابه.

فعندما يثني السيدُ القائدُ على صفةٍ أَو عملٍ ما، فكأنّه يضع نقطةَ ضوءٍ على قيمةٍ عليا ويقول: "هذا هو المعيار، هذه هي القيمة التي يجب أن تتجذّر فيكم".

وهذا الثناء ليس نهايةَ المطاف، بل هو دعوةٌ غيرُ مباشرةٍ لتعزيز هذا الشيء في أنفسنا ومجتمعنا.

إنَّ الإعجابَ بالصفة يجبُ أن يتحوّلَ إلى جُهدٍ يوميّ لامتلاكها، وهذا أهمُّ ما في الأمر.

وعندما ينتقد أَو يذكُرُ أخطاءً أَو مساوئَ شيءٍ أَو يتطرّق إلى نقاط الضعف، فهو لا يهدف إلى التوبيخ، بل إلى إيقاظ فطرةِ اليقظة فينا.

إنَّ ذكرَ العيوب هو إضاءةٌ للمنطقة الرمادية التي قد نقع فيها دون وعي.

والتجربة العملية هنا تقتضي اجتنابًا جذريًّا ونهائيًّا لتلكَ المساوئ، فالتحذيرُ درعٌ يقينٍ من التيه والانتكاس.

ففي خطابه الأخير –حفظه الله– في استشهاد القائد الجهادي الكبير الفريق الركن محمد الغماري، لم يكن السيد القائد فقط مُجَـرّد تأبين لفردٍ استشهد بقدر ما كان يرسم صورةً حيّةً للمجاهد الكامل: كيف يجب أن يكون.

كانت كلماتُ الثناء على صفات الشهيد منهاجًا عمليًّا مستقبليًّا لكلّ من يتبع هذا الدرب.

وكأنّه يقول: "كونوا مثله، ففي هذه الصفات يكمن سرّ النصر والثبات".

فما هي التوجيهات التي نستخلصها من هذا المنهج القيمي؟

هناك الكثير والكثير من التوجيهات العملية لو تأملناها، ولكن على سبيل المثال لا الحصر:

فقد بدأ السيد المولى بالحديث عن رسوخٍ وثباتٍ موقف الشعب اليمني المجاهد تجاه قضية فلسطين في هذه الجولة من الصراع، فهو يحثّنا على المواصلة والثبات والاستمرار بلا كللٍ ولا مللٍ، ويتحوّل كُـلّ واحدٍ منا إلى فاعلٍ دائمٍ غير منقطعٍ في ساحة الجهاد، والتمسّك بالمسؤوليات الكبرى للأُمَّـة دون تردّد، وخُصُوصًا نصرة الشعب الفلسطيني، بكُلِّ رُشْدٍ وحكمةٍ بعيدًا عن العبثِ والتهوّر.

أيضًا تحدّث عن القيم الإيمانية التي هي الوقود الداخلي الذي كان يحرك الشهيد الغماري - رضوان الله عليه:

فالقيمُ الروحيةُ هي طاقةُ التحَرُّك التي لا تنفد.

ومن خلال السياق كأنّ التوجيه هنا ركّز على الانشداد المطلق نحو الله، وأن العملَ ليس عادةً بل عبادةٌ خالصةٌ نابعةٌ من محبةٍ وخشية.

يجب أن نرفعَ من مستوى الثقة المطلقة بوعد الله إلى درجة اليقين، وأن نجعل الإخلاص والتجرد هما الدافعان الوحيدان لكلّ فعلٍ جهاديّ، لنكون كتلةً إيمانيةً لا تحَرّكها المصالح الشخصية.

أيضًا الصفات العملية للشهيد الغماري -رضوان الله عليه- كيف كان في الميدان:

فالسيد المولى من خلال ذكر صفات الشهيد الغماري العملية يدعونا إلى تجاوز الروتين والتحلّي بروح المبادرة والمسارعة لتدارك الفوات.

إنَّ الأداء الجهادي يجب أن يكون بجدّيةٍ وتقوى، وبالتفاني والإقدام الذي لا يعرف التباطؤ.

والأهمّ من ذلك هو التحلّي بالصبر حتى تصل إلى مرتبةِ الصبّار، ذلكَ الصبر الذي لا ينكسر أمام الشدائد، صبرًا يدفع إلى الثبات في كُـلّ الظروف دون كللٍ أَو ملل.

فلذلك، إنَّ نظرتَنا لخطاب السيد القائد يجب أن تكون نظرةَ الطالبِ المجدِ إلى درس الحياة، والاستجابة يجبُ أن تكونَ استجابة الجنديِّ المنضبط لأمرِ القائد الحكيم.

عندما نستلهم الصفات ونعزّزها، ونجتنب المساوئ ونحذر منها، نكون قد حوّلنا الكلمات البليغة إلى فعلٍ بليغ، وأثبتنا أنَّ هذا الخطاب ليس مُجَـرّد بيانٍ سياسيّ، بل هو مشروع أُمَّـة متكامل ينطلق من الوعي القرآني ويستهدف بناء الإنسان الذي يستحقّ النصر.

تغطيات