• العنوان:
    المسيرة القرآنية يقين البقاء ومرتكزات الاستمرار
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    المسيرة القرآنية ليست مُجَـرّدَ فكرة أَو مشروع مؤقت، بل هي واقع حي وسُنّة إلهية جارية، تحملُ في طياتها كُـلّ مقومات البقاء والاستمرار، وهي ماضيةٌ بقدرة مُسبّب الأسباب نحو الغاية التي رسمها لها خالق السماوات والأرض.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

إنها كالسفينة الجبارة التي تشق أمواج الزمان، لا تعوقها عواصف التشكيك، ولا تصدها رياح المعارضة؛ لأن ربها هو الذي يدير دفتها، وخزائن السماوات والأرض بيده.

تقوم هذه المسيرة العظيمة على أربعة مرتكزات أَسَاسية، هي بمثابة أعمدة الركن الوشيج التي ترفع بنيانها، وتضمن لها الديمومة والنجاح.

المرتكز الأول هو قدسية المنهج القرآني.

فهو ليس كلام بشر، ولا نتاج فكر إنساني قاصر، إنه كلام الله تعالى، المحفوظ بحفظه، المُنزَّل من لدن حكيم خبير.

قدسيته تنبع من مصدره الإلهي، ومن حكمته التشريعية، ومن شموليته التي لا تُغادر صغيرة ولا كبيرة في حياة الفرد والمجتمع والأمة إلا وأحاطت بها.

إنه المنهج الذي يصلح لأهل الأرض في كُـلّ عصر، ويحصّن الأُمَّــة من ثقافة اليهود والنصارى، ويحميها من استباحة أعدائها، لأنه يخاطب الفطرة، ويراعي طبيعة الإنسان، ويقدّم الحلول للقضايا المتجددة من خلال مبادئه الثابتة.

قدسيته تضمن له الخلود، وتجعل المسيرة القائمة عليه مُستمرّة، لأنها تسير على هدى من نور لا يخبو.

المرتكز الثاني هو نعمة القيادة الربانية.

فالمسيرة القرآنية لا يقودها رجل بعينه يموت بموته المشروع، ولا حزب ينحسر بزوال ظروف نشأته.

قائدها الأول والظاهر هو الله سبحانه وتعالى، ثم علم الهدى السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ثم هي تسير بتوفيق الله وتسديده، وفق سننه الثابتة في الكون والحياة.

هذه القيادة الربانية تتجلى في المواقف التي تتجسد في الواقع للنهوض بالأمة من واقعها المذل، وتبني مشروعًا قرآنيًّا ورؤية حكيمة، وتتبنّى الدفاع عن المستضعفين وقضايا أمتنا الإسلامية وعلى رأسها فلسطين، فيظهر العون الإلهي والرعاية الخَاصَّة، والتأييد في المواطن الصعبة، وفتح الأبواب المغلقة، وإلهام الأتباع بالصبر والثبات.

هي نعمة عظيمة تجعل أتباع هذه المسيرة يشعرون أنهم ليسوا وحدهم، بل معهم قيادة إيمانية تقودهم في كُـلّ الظروف والتحديات، فيطمئنون إلى النتيجة قبل حدوثها، ويواصلون السير وهم على يقين أن العاقبة للمتقين.

المرتكز الثالث هو كنز الرجال المتجدد.

الأُمَّــة التي تسير على المنهج القرآني لا تعرف فراغًا ولا شحًّا في الرجال، فالله تعالى يبعث لها في كُـلّ جيل من يجدد لها دينها، ويحمل لواء دعوتها، وينافح عنها بكل ما أوتي من قوة.

هذا الكنز البشري لا ينضب، فهو عطاء إلهي مُستمرّ.

هؤلاء الرجال ليسوا نسخًا متكرّرة، بل كُـلّ يأتي بما يناسب عصره ويلبي حاجات أمته، يجمعون بين أصالة المنهج ومعاصرة الوسائل، بين صلابة العقيدة ومرونة الفقه، بين قوة الإيمان وحكمة التصرف.

يتخرجون من مدرسة القرآن، فيتشربون معانيه، ويتخلقون بأخلاقه، ويستمدون منه رؤيتهم للوجود والحياة.

وجودهم الدائم هو الضمانة الحية لاستمرار المسيرة وعدم انقطاعها.

المرتكز الرابع هو قوة السلاح المواكب.

والسلاح هنا مفهوم واسع، لا يقتصر على آلة الحرب المادية فحسب، بل يتعداها إلى كُـلّ ما يمكن أن يكون وسيلة لحماية الدين ونشر الخير وردع الباطل تحت شعار قول الله تعالى: «وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة».

فهو يشمل سلاح العلم والمعرفة الذي يمحو الجهل والشبهات، وسلاح الاقتصاد الذي يحقّق الاستقلال ويقوي الشوكة، وسلاح الإعلام الهادف الذي يكسب معركة الوعي، وسلاح التخطيط الاستراتيجي الذي يرسم للمسيرة مسارها.

ولا شك أنه يشمل سلاح القوة العسكرية الذي يكون به ردع الأعداء وحماية الأُمَّــة من بطش خصومها.

وهذا السلاح "المواكب" يعني أنه ليس جامدًا، بل متطور، يتفاعل مع مستجدات العصر، ويواكب تطورات الأعداء في المواجهة، مستمدًا شرعيته وفاعليته من الضوابط والأخلاق التي رسمها المنهج القرآني نفسه.

فهذه المرتكزات الأربعة، المتكاملة والمترابطة، هي التي تشكل المنظومة الحامية والدافعة للمسيرة القرآنية.

وهي مسيرة "مأمورة" بأمر الله، مسيرة لا تعرف التوقف لأنها جزء من تدبير الله لهذا الكون، وهي تسير بإرادته ومشيئته.

وهي مسيرة "الله يرعاها"، فحسبها به راعيًا وحافظًا وناصرًا.

فإذا كانت برعاية الملك الديّان، فبئست الرعاية رعاية البشر.

من هنا ينبع اليقين، ويذهب الخوف، وتطمئن القلوب.

فلا خوف على مستقبلها من تقلبات السياسات، ولا من مكائد الأعداء، ولا من استشهاد قادتها وعظمائها وأتباعها، لأن وعد الله حق، ونصره قريب، وعواقب الأمور لله، وإليه ترجع الأمور.

تغطيات