• العنوان:
    كلنا راحلون.. مع رحيل قائدٍ شجاعٍ عظيمٍ "سيدي هاشم"
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    (سيدي هاشم) الفريق الركن المجاهد البطل محمد عبدالكريم الغماري، قد رحل، لكنه رحيل العظماء في تاريخ أُمَّـة.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

من ميدان السبعين كانت أُمَّـة مليونية تشيع قائدنا المغوار، وهو من نكل بأعداء الإسلام من اليهود الصهاينة المجرمين.

وكانت رسائل التشييع قد ترجمت لنا أن ليس كُـلّ من يرحل يُشيَّع، وليس كُـلّ مشيّع يُحب، وليس كُـلّ محبوبٍ يعتلي مراتب عليا كأن تبكي عليه أُمَّـة بأكملها؛ فبالأمس بكت أُمَّـة بأكملها على فراقك أيها الشهيد الكبير.

أما اليوم، فإننا لا نودّع رجلًا.. بل نودّع رايةً حملت اليمن على كتفيها، وارتقت بها إلى مقام العزة والهيبة والسيادة.

اللواء الشهيد محمد عبدالكريم الغماري لم يكن قائدًا عاديًّا؛ كان حصنًا من حصون هذه الأُمَّــة، بابًا من أبواب نصرها، أحد أُولئك الرجال الذين إذَا غابوا عن الأرض بقيت آثارهم تمشي فوقها.

جاء في وقت انكسار الجيوش وذلّ الأنظمة، فصنع من تحت الركام جيشًا لا يُهزم، وقوّةً لا تُكسر، وإرادَة لا تُشترى.

في زمنٍ كانت فيه العروش تتهاوى عند مُجَـرّد تهديدٍ أمريكي، كان هو يضع أول بصمة ردع على البحر، ويكسر هيبة الأساطيل بصوتٍ يشبه تكبيرةَ الخندق يوم بدر.

لم يترك في اليمن مؤسّسةً عسكريةً فحسب، بل ترك عقيدةَ تحرير..

ترك معنى أن يكون القرار يمنيًّا والكرامة يمنية والسلاح يمنيًّا والحماية يمنية.

هذا ليس رحيل قائد، هذا رحيل مرحلةٍ من الصبر والثبات وبداية مرحلةٍ من تمكينٍ صنعها بدمه.

من بعده.. لا يمكن للعدو أن يتنفس كما كان، ولا يمكن للوصاية أن تعود كما كانت، لأن هناك رجالًا قد طبعوا على وجه التاريخ خاتمًا لا ينكسر:

"هنا شعبٌ لا يخضع".

ولأن الله إذَا أحب عبده حبّب عباده فيه، رأينا الملايين تزحف بقلوبها قبل أقدامها، ليس تبجيلًا للمناصب ولا مجاملةً للرتب، بل وفاءً للصدق الذي يسكن الدماء الحرة.

وما بعد الرحيل؟

الشهيد أسّس القوة التي تحمي اليمن..

فعلينا نحن أن نبنيَ القوة التي تنهضُ باليمن: قوة التصنيع، الاكتفاء الذاتي، السيادة الاقتصادية.

إن الوفاء الحقيقي للشهداء ليس البكاء، بل الاكتمال معهم..

إنهم زرعوا السيادة العسكرية، وعلينا أن نزرع السيادة الصناعية والعلمية.

الرجال الذين يرحلون حضورهم أقوى من وجودهم، وأثرهم يدوم أكثر من أعمارهم.

وأمتنا اليوم لا تبكي الغماري لأنّه غاب.. بل تبكي لأنها أدركتْ ماذا يعني أن يولدَ في أُمَّـة رجلٌ يشبه الأوائل من أهل الثبات، رجل يشبه جدّه الإمامَ عليًّا عليه السلام.

رحمك الله أيها القائد المهاجر إلى الله..

ثبّتك عند السؤال، وأعلى قدرك عند الأنبياء والشهداء، وكتب لنا أن نكون امتدادًا لا انقطاعًا لهذا الدرب حتى يكتمل المشروع الذي دفعت روحُك مهرًا له.

عظّم الله أجر الأُمَّــة الإسلامية في مصابنا الجلل.

تغطيات