• العنوان:
    لا شيءَ كبذل النفْس والنفيس
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في لحظةٍ تاريخيةٍ عصيبة، يُقدّم اليمنُ نموذجًا استثنائيًّا للتضحية والثبات، لا يُضاهى في زمنٍ تخلّت فيه أغلب الأنظمة عن مسؤولياتها الدينية والقومية. فبينما تتهاوى الجيوش العربية في دوامة الارتهان للإرادَة الأمريكية والإسرائيلية، ويُفرغ خطابها من أي مضمون مقاوم، يقف اليمن -قيادةً وشعبًا- شامخًا، يُجسّد معنى الجهاد الحقيقي، ويُقدّم أغلى ما يملك: دماء شهدائه الأبرار.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

ومن بين هؤلاء العُظماء، يبرز اسمُ الشهيد الجهادي الكبير اللواء محمد عبدالكريم الغماري، رئيس هيئة الأركان العامة، الذي وصفه السيد عبدالملك الحوثي -حفظه الله- بأنه "من أعظم المغانم التي قدّمت في هذه المعركة المقدسة". 

فشهادته لم تكن حدثًا عابرًا، بل كانت انتصارا من موقع المسؤولية الدينية، تلك التي تخلّت عنها أنظمة كثيرة، وراحت تتخفّف منها باسم "الواقعية" أَو "مصالح الدولة"، بينما نسيت أن النصر لا يُبنى على الحسابات المادية وحدها، بل على الإيمان، والتقوى، والاستعداد للتضحية.

الشهيد الغماري لم يكن مُجَـرّد قائد عسكري، بل كان مهندسًا استراتيجيًّا، ومفكّرًا جهاديًّا، صمّم تحَرّكاتٍ عسكريةً أوجعت ألدّ الأعداء: أمريكا وكَيان الاحتلال. 

وقد كان -رضوان الله عليه- يتحلّى بصفاتٍ نادرة: روح المبادرة، الصبر عند الشدّة، الحكمة في التعامل، والتوازن النفسي والمعنوي. كان صبورًا عند المشقّة، شديدًا عند المواجهة، ومتّصلًا بالله في كُـلّ لحظة، لا يتوكل على خبرته العسكرية وحدها، بل يجعل التقوى أَسَاس عمله، والرضا الإلهي غايته.

وهنا تكمن الفجوة الهائلة بين اليمن وسائر الأنظمة: فبينما يرى البعض أن النصر لا يُحقّق إلا بالعتاد والمال، يُذكّرنا القرآن الكريم:

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ...﴾.

فـ"ما استطعتم" لا تعني فقط السلاح، بل تشمل الإيمان، والعزيمة، والارتباط بالله. وبدون هذه القوة المعنوية، تصبح أعتى الترسانات كأعجاز نخلٍ خاوية، لا ترهب عدوًّا، بل تُذلّ صاحبها.

والواقع يشهد: فخلال عامين من المواجهة الملحمية، فشل العدوّ الأمريكي والإسرائيلي في تحقيق أيٍّ من أهدافه العسكرية. 

لم توقف غاراته ولا صواريخه الدقيقة عمليات الجيش اليمني، بل كانت النتيجة عكسية: استهداف المنشآت الحيوية، وقطع الملاحة البحرية والجوية، وضرب القواعد الأمريكية في المنطقة. 

أما العدوّ، فلم يجد مفرًّا سوى قصف الأعيان المدنية، ليكشف للعالم -مرةً أُخرى- طبيعته الإجرامية التي تختبئ خلف شعارات "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان".

واليوم، ومع استمرار خروقات الكيان الصهيوني للهُدنة في غزة، يؤكّـد السيد القائد -حفظه الله- أن المواجهة مع كَيان الاحتلال هي جولةٌ من جولاتٍ، وأن اليمن على أتمّ الاستعداد لأي تصعيدٍ جديد.

فاليمن لا يعيش في حالة "لا حرب ولا سلم"، بل في حالة يقظةٍ وجهوزيةٍ دائمة؛ لأن شعبه تربّى على الحرية، وقيادته تؤمن بأن نصرة المستضعفين فريضةٌ دينيةٌ لا تُفاوَض عليها.

في الختام، لن ينسى التاريخ شعبًا قدّم مثل هذه النماذج من الرجال، الذين لم يحسبوا التكلفة، بل قدّموا الغالي والنفيس دون تردّد. 

والشهيد الغماري، ومن سار على دربه، ليسوا مُجَـرّد أسماء في سجلات الشهداء، بل هم مدرسةٌ للأجيال، تُعلّم معنى الكرامة، والثبات، والانتماء الحقيقي للدين والأرض والإنسان.

فليُسجّل التاريخ: أن في زمن الخِذلان، وقف اليمن وحده -بقيادة أنصار الله- صامدًا، شامخًا، لا يهاب طاغوتًا، ولا يركع لعدوٍّ.

وأن شهداءه هم من سيروي لأحفادنا قصة الانتصار الذي بدأ بالتضحية، وانتهى بالعزة.

تغطيات