-
العنوان:الاحتلال الخفي.. الوجه الجديد لتمزيق سوريا يطل من ريف القنيطرة
-
المدة:00:00:00
-
الوصف:إن المشهد الذي تشهده ريف القنيطرة الشمالي هو تجلّ صارخ لحقيقة مرحلة جديدة من التواطؤ الممنهج بين سلطة الأمر الواقع "سلطة الجولاني" وبين الكيان الصهيوني الغاصب، حَيثُ لم تعد الغزوات الصهيونية مُجَـرّد انتهاكات متفرقة بل تحولت إلى سياسة ممنهجة تُنفّذ بجرأة وبمرأى من سلطة محلية عميلة تشارك في تمهيد الطريق وتوفير الغطاء.
-
التصنيفات:مقالات
-
كلمات مفتاحية:
فما حدث مؤخرًا من توغُّــلٍ لدورية عسكرية صهيونية وفرضها حاجز تفتيش على الطريق بين الصمدانية الشرقية وخان أرنبة هو إعلان عملي عن إدارة مشتركة للمنطقة بين المحتلّ وأذنابه الجدد، وهو رسالة مفادها أن سيادة سوريا أصبحت غائبة فعليًّا بفعل تحالف خفي تجسده تحَرّكات القوات الصهيونية بخفة غير معتادة في مناطق يفترض وجود قوى محلية مسلحة فيها؛ مما يؤكّـد وجود تنسيق أمني على الأرض يتجاوز مُجَـرّد الصمت إلى درجة التواطؤ الفعلي.
إن هذا التوغُّلَ لم يكن حَدَثًا منعزلًا،
بل هو حلقةٌ في سلسلة متصاعدة من التحَرّكات الصهيونية التي تستشري كالسرطان في جسد
محافظة القنيطرة.
فالتوغل قرب حاجز قوات الأمم المتحدة
على طريق خان أرنبة جباتا الخشب، وإقامة حواجز أُخرى بين أوفانيا وجباتا الخشب، وترهيب
المدنيين، كلها إجراءات تشي بسياسة فرض واقع جديد على الأرض، واقع تقوده آلة
عسكرية صهيونية بلا رادع، بينما تتفرغ سلطة الجولاني لمعاركها الطائفية الداخلية
ضد "الأقليات" وكأنها ترفع يدها عمدًا عن مواجهة المحتلّ الحقيقي، بل
وتشغل الساحة بصدامات جانبية تخدم بالضبط الأجندة الصهيونية الرامية إلى تمزيق
النسيج الاجتماعي السوري وإبقاء المنطقة في حالة من الفوضى الخاضعة.
وفي خلفية هذا المشهد يطل وجه
المجتمع الدولي بكامل ازدواجيته وخيانته؛ فصمته المطبق على هذه الانتهاكات المتكرّرة،
رغم وقوعها على مرأى من قواته المرابطة في المنطقة، يؤكّـد أن هذه القوات لم تُنشر
لحماية السيادة السورية أَو احترام القانون الدولي، بل هي جزء من آلية أكبر لترسيخ
الأمر الواقع الجديد.
فالقرارات الدولية التي تُستخدم كعصا
تُضرب بها بعض الأطراف تتحول إلى غصن زيتون عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، مما
يكشف أن النظام العالمي الحالي هو نظام أخلاقي مزدوج يُدين من لا يخضع لإرادته
ويتغاضى عن جرائم من يحقّق مصالحه.
إن استهداف ريف القنيطرة تحديدًا ليس
اختيارا عشوائيًّا؛ فهذه المنطقة تمثل بوابة سوريا الاستراتيجية وعنق الزجاجة
الجغرافي، والسيطرة عليها أَو حتى تخويف سكانها وإضعاف ارتباطهم بالدولة الأم هو
ضربة في صميم الأمن القومي السوري.
والكيان الصهيوني يدرك أن ضرب هذه
المنطقة في ظل انشغال العالم بتصعيداته في غزة ولبنان، وفي ظل وجود سلطة محلية
متورطة في صراعاتها الداخلية وعميلة، هو ضربة في توقيت ذهبي تذهب فيها الانتهاكات
دون تكلفة تُذكَر.
بل إن هذه التحَرّكات تمثل إماتة
متعمدة لردود الفعل، حَيثُ يُراهن المحتلّ على أن الصراعات الداخلية والإقليمية قد
شتّتت الانتباه وأضعفت القدرة على المواجهة.
وهنا تبرُزُ خِيانةُ سلطة الجولاني
بأبشع صورها؛ فهي لا تقف موقف المتفرج فحسب، بل هي شريك فعلي في هذا المسرح.
فصمتُ السلطة العميلة عن هذه
التوغلات، وتركها للمدنيين يواجهون مصيرهم بمفردهم، وتركيزها على قمع الأقليات
وتصفية الحسابات الداخلية، هو بمثابة اتّفاق غير مكتوب على تقاسم النفوذ، حَيثُ تُمنح
المنطقة للصهاينة لقضمها تدريجيًّا مقابل الحصول على هامش حرية في قمع الخصوم
المحليين وترسيخ السلطة.
وهي معادلة خاسرة بامتيَاز؛ إذ إن المحتلَّ
لا يعترفُ بشركاء دائمين، بل بمُجَـرّد انتهاء مهمتهم سيُزيحهم.
إن ما يحدث هو اختراق متعمد لكل
الخطوط الحمراء، بدءًا من انتهاك اتّفاقية فضّ الاشتباك لعام 1974، ومُرورًا بتحدي
كُـلّ المواثيق الدولية، ووُصُـولًا إلى الاستهانة بالكرامة الإنسانية للمواطنين
السوريين العزل.
فإقامة الحواجز وتفتيش المارة
وترهيبهم هي إعادة إنتاج لمنطق الاحتلال الإسرائيلي المعتاد في الضفة الغربية
وقطاع غزة، ولكن هذه المرة على أراضٍ سورية؛ كأن الكيان يحاول تصدير نموذجه القمعي
إلى عمق الجبهة السورية في سيناريو يهدف إلى تطبيع الاحتلال الخفي تحت ذرائع أمنية
واهية.
إن استمرار هذا النهج دون رد فعل
حقيقي لا يعكس فقط ضعف السلطة العميلة وخيانتها، بل يعكس أزمة أعمق في الموازين الإقليمية
والدولية، حَيثُ أصبح التطبيع مع الكيان الصهيوني، بشكل مباشر أَو غير مباشر، هو
اللغة السائدة للعديد من القوى.
لكن شعب سوريا الأبي وتاريخه النضالي
وجغرافيته المتجذرة في عمق الأُمَّــة لن يسمحا بتحويل القنيطرة، رمز الصمود
والتضحيات، إلى ساحة للابتزاز الصهيوني والخيانة المحلية.
فدماء الشهداء الذين رووا ترابها لن تذهب سدى، وستبقى القنيطرة شاهدًا على الجريمة ونداءً للتحرير، حتى في أحلك لحظات الخيانة والتواطؤ.
تغطية إخبارية | حول آخر التطورات والمستجدات في غزة ولبنان | مع وسيم بزي و ناصر قنديل و محمد منصور و حميد الرفيق 07-05-1447هـ 29-10-2025م
تغطية إخبارية | حول آخر التطورات والمستجدات في غزة ولبنان | مع عصري فياض و عمر الحامد و حسان الزين و محمد هزيمة 03-05-1447هـ 25-10-2025م
تغطية إخبارية | حول آخر التطورات والمستجدات في غزة ولبنان | مع أركان بدر و حسن حجازي و فيصل عبدالساتر و علي مراد و حسن حردان 02-05-1447هـ 24-10-2025م
🔵 تغطية إخبارية |حول آخر التطورات والمستجدات في غزة والضفة الغربية ولبنان | مع د.عماد أبو الحسن و خالد السعدي و العميد عمر معربوني 02-05-1447هـ 24-10-2025م
الحقيقة لاغير | ما هي أسباب وأسرار العداء السعودي التاريخي لليمن وماذا عن وصية عبد العزيز لمنع استقرار اليمن واستقلاله؟ | 06-05-1447هـ 28-10-2025م
🔵 الحقيقة لاغير | قراءة في الموقف اليمني إلى جانب غزة وفلسطين على ضوء مائة عام من الصراع العربي الإسرئيلي - ( الجزء 02) | 04-05-1447هـ 26-10-2025م
الحقيقة لاغير | قراءة في الموقف اليمني إلى جانب غزة وفلسطين على ضوء مائة عام من الصراع العربي الإسرئيلي - ( الجزء 01) | 03-05-1447هـ 25-10-2025م
لقاء خاص | مع السيد عبدالكريم نصرالله (والد شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصرالله) 06-04-1447هـ 28-09-2025م
لقاء خاص | مع عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب رامي أبوحمدان - قراءة في المشهد اللبناني وتطوراته 22-02-1447هـ 16-08-2025م