• العنوان:
    مَرأة الريف.. شريكة حياة فعلًا
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    صانعات الحياة ودرع اليمن الغذائي: المرأة الريفية.. صمود في وجه التحديات
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

*************************************

                              

في الخامس عشر من أُكتوبر من كُـلّ عام، يتجه الاهتمام العالمي للاحتفاء باليوم العالمي للمرأة الريفية، وهي مناسبة دولية لتسليط الضوء على الدور الحاسم والإسهام الكبير الذي تقدمه هذه الفئة في تعزيز التنمية الزراعية والريفية والأمن الغذائي العالم. وفي اليمن، يكتسب هذا الاحتفال معنى أعمق وأكثر إلحاحًا، حَيثُ تمثل المرأة الريفية الركيزة الأَسَاسية للإنتاج الغذائي وخط الدفاع الأول عن بقاء الأسرة والمجتمع في وجه أصعب الظروف.

الشريكة والفلاحة: قلب الاقتصاد الريفي النابض

لطالما كانت المرأة الريفية اليمنية أكثر من مُجَـرّد ربة منزل ومربية للأبناء، إنها الفلاحة، والأم، والشريكة الكاملة للرجل في دورة الزراعة وتربية الثروة الحيوانية.

هي القوة الدافعة خلف سلسلة الإنتاج الغذائي بأكملها، من إعداد الأرض والبذر، مُرورًا بالحصد والري، وُصُـولًا إلى تربية المواشي وجلب العلف وتخزين المؤن.

لا يقتصر دورها على العمل الميداني الشاق، بل يمتد إلى إدارة الموارد وتحويل المنتجات الزراعية والحيوانية إلى مصدر دخل وغذاء مستدام، لتلعب بذلك دورًا اقتصاديًّا بالغ الأهميّة يساهم بشكل مباشر في الناتج المحلي الزراعي ويوفر السيولة المالية للأسر.

 بطلة الأمن الغذائي في زمن الحرب والمحنة

في ظل سنوات الحرب والحصار وتوقف الرواتب وتفاقم الأزمة الإنسانية، لمع دور المرأة الريفية اليمنية كنجم ساطع في سماء الصمود.

تحولت المزارع الصغيرة ومشاريع تربية الحيوانات إلى صمام أمان غذائي حقيقي. وبينما غادر أَو هاجر أغلب الرجال بحثًا عن العمل أَو لمواجهة ظروف الحرب، ظلت المرأة الريفية صامدة في الريف، تتحمل بمفردها أعباء عمل كانت في السابق حكرًا على الرجال.

لقد واجهت ندرة المياه، وارتفاع أسعار الوقود والبذور، وشح الموارد، واستطاعت بجلدها وحكمتها أن تحافظ على استمرار عملية الإنتاج، وبفضل جهودها، ضمنت توفير الغذاء الأَسَاسي (حبوب، خضروات، حليب، بيض، لحوم) لأسرتها والمجتمع المحلي، مساهمة بذلك بشكل فعال في التخفيف من حدة سوء التغذية وتأمين سلة غذاء محلية تعتمد على الاكتفاء الذاتي.

إنها اليوم أهم عنصر تنموي، فهي من حافظ على استدامة الريف ومنع انهياره الكامل.

 تحديات الصمود: ثمن باهظ لقاء العمل المضني

على الرغم من هذا الدور الجوهري والبطولي، لا تزال المرأة الريفية اليمنية تواجه تحديات وصعوبات جمة. فهي، للأسف، حُرمت من أبسط حقوقها التنموية والأَسَاسية. فالفقر والأمية يتفشيان في أوساطهن، وغالبًا ما تكون هي الفئة الأقل استفادة من خدمات التعليم والصحة الأَسَاسية والتدريب المناسب لتطوير قدراتها الإنتاجية.

 الطريق نحو التمكين: ضرورة وطنية عاجلة

إن دعم وتمكين المرأة الريفية اليمنية ليس خيارًا تنمويًّا، بل هو ضرورة قصوى لإنقاذ الأمن الغذائي للبلاد وتعزيز التنمية الريفية المستدامة، ويتطلب ذلك خطة عمل شاملة ترتكز على المحاور التالية:

- التدريب والتأهيل: توفير برامج تدريبية متخصصة في التقنيات الزراعية الحديثة، وإدارة الموارد المائية، وتخزين وحفظ الأغذية، وريادة الأعمال، وبناء مراكز تدريب ريفية قريبة منها.

- الدعم المادي واللوجستي: تسهيل وصولها إلى التمويل الأصغر والقروض الميسرة، وتوفير البذور والأدوات الزراعية المقاومة للجفاف، ودعم مشاريع الري بالطاقة الشمسية.

- الخدمات الأَسَاسية والإنصاف: ضمان حصولها على خدمات التعليم والرعاية الصحية الجيدة. والأهم، العمل على إنصافها في الحقوق المتعلقة بالملكية وحيازة الأرض وحصولها على حق الميراث الذي أوجبه الله لها.

 تبنٍّ حكومي للبطولة الريفية

يجب على الحكومة والجهات الرسمية أن تتبنى المرأة الريفية اليمنية كأولوية وطنية قصوى في سياساتها الحالية والمستقبلية، فلا يمكن لخطط التنمية والتعافي أن تنجح دون إدماجها الكامل. ويتطلب ذلك:

- صياغة سياسات زراعية تضع المرأة في صميم التخطيط، وتضمن مشاركتها في لجان التنمية المحلية.

- تخصيص ميزانيات ملموسة لبرامج تمكين المرأة الريفية وتنمية مشاريعها الصغيرة.

- زيادة تمثيلها في الهيئات والمؤسّسات الزراعية والتعاونية لتكون جزءًا فاعلًا من عملية صناعة القرار.

في يومها العالمي، نقف تحية إجلال وإكبار للمرأة الريفية اليمنية، صانعة الحياة ودرع الوطن الغذائي. إنها تستحق كُـلّ الدعم والتمكين، فصمودها هو سر صمود اليمن وبقائه، والاستثمار فيها هو استثمار في الأمن الغذائي، والتن مية المستدامة، والمستقبل الآمن للبلاد.