• العنوان:
    من وسط غزة إلى تخومها... حدود تشهد بانكسار الجغرافيا وصمود الهوية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    خاص| المسيرة نت:على شمس الانتصار التي لا تغيب عن قلوب الصامدين، وفي صباح تتوهج فيه عزيمة الإرادة الفلسطينية التي لا تنكسر مهما اشتد الحصار ولا تلين مهما طال ليل العدوان، نشارك أهلنا في غزة فرحة الانتصار كما نتقاسم معهم وجع الجراح وأمل الصمود.
  • كلمات مفتاحية:

ذلك الأمل الذي نهض من بين الركام ليكتب فجراً جديداً لغزة العزة، لكن خلف ستار هذه الشموس الساطعة، تتكشف صورة الكارثة الإنسانية العميقة التي حلت بالقطاع بعد وقف "العدوان الصهيوني الأمريكي".

مدنٌ كاملة تحولت إلى صحاري من الأنقاض، ومربعات سكنية أصبحت جبالاً من الحجارة، في مشهد قاسٍ يمزج بين مرارة الدمار وعنفوان العودة والتحدي.

حقائق من قلب الركام والوجع

في نافذته الأولى، سلط برنامج "نوافذ الصباحي" في قناة المسيرة الضوء على المعاناة الإنسانية الجسيمة في قطاع غزة، ناقلاً مشاهد الركام والتدمير الهائل للبنى التحتية والمدنية وكل معالم الحياة والتاريخ.

 الزميلة المراسلة دعاء روقة، قدمت شهادة حية ومفصلة عن الوضع الراهن، مركزة على ثلاثة محاور رئيسية:

 

الواقع الإنساني بعد وقف العدوان: تلاعب ومماطلة

وأوضحت المراسلة دعاء روقة أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة لا تزال 'صعبة جداً وقاهرة جداً'، حتى بعد مرور خمسة أيام على وقف إطلاق النار. ويعود هذا التفاقم إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يلتزم ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، لا سيما فيما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية. فالاحتلال يتلاعب ويماطل في إدخال الكميات المطلوبة من الشاحنات التي يُفترض أن تدخل يومياً، مما يفاقم من الواقع الإنساني الصعب على السكان."

إبادة كاملة

ونقلت روقة تفاصيل مرعبة عن حجم الدمار الذي لحق بالقطاع، واصفةً إياه بـ 'إبادة كاملة' و'محرقة شاملة'. لقد تحولت مدينة غزة إلى 'أكوام من الحجارة'، و'مربعات وأحياء سكنية بالكامل' في الشمال غدت 'صحراء' و'جبالاً من الركام'، نتيجة ما وصفته بـ 'العملية الأشرس والأعنف' في تاريخ العدوان على غزة. ونتيجة لشدة الدمار والقضاء على المباني العالية، بات المشهد صادماً لدرجة أن الأهالي أصبحوا يستطيعون رؤية الحدود من مسافة بعيدة جداً من قلب مدينة غزة، حيث تحولت كل المنازل على مد البصر إلى 'أكوام أكوام من الركام'.

وأكدت روقة أن الخسارة تتجاوز الجانب المادي؛ فالمنازل المدمرة ليست مجرد 'أكوام'، بل هي 'ذكريات، أحلام، لَمَّة، وجماعات، وقصص'، مما يجعل هذا المشهد قاسياً جداً على الأهالي.

استهداف التاريخ والمعالم الأثرية: محاولة لمحو الهوية

أشارت المراسلة إلى أن الدمار لم يقتصر على البنى السكنية والمدنية، بل طال أيضاً كل ما يمثل الهوية والتاريخ، من خلال "طمس المعالم، حيث تعمد العدو تدمير و"طمس" كل المعالم الأثرية والتاريخية التي كانت "تعد معلماً من معالم مدينة غزة"، ومسح الأثار التي مر عليها عصور كثيرة، في محاولة "للقضاء على أي معالم أثرية أو تاريخية" في القطاع.

إضافة إلى الصمود المعنوي: على الرغم من ذلك، أكدت روقة أن العدو "لن يستطيع أن يمسح التاريخ من عقول أبناء الشعب الفلسطيني" وأن الأثار والتاريخ "لن تمسح من قلوبنا ومن عقولنا".

و"تبقى عزيمة العودة راسخة؛ فبالرغم من تدمير منازلهم، يُعبر الأهالي عن إصرارهم على العودة إلى غزة، والعودة إلى ركام منازلهم، مؤكدين بثقة: 'سوف تتعمر غزة'."

المجتمع الدولي في محك المسؤولية

إن الشهادة الحية والمفصلة للمراسلة دعاء روقة، وما نقلته عن حجم الدمار الذي يمسح مدناً كاملة ويهدم البنى التحتية ويدمر كل معالم الحياة والتاريخ، وصولاً إلى المماطلة في إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية، تضع المجتمع الدولي أمام محطة لا فكاك له منها.

إن تدمير المعالم التاريخية والأثرية، والهجوم الموسع على البنى التحتية المدنية، يرقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، وتحديدا اتفاقيات جنيف، ولاهاي، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. إن استهداف "كل شيء" - كما أشارت المراسلة - بما في ذلك إمكانية عيش المواطن، هو عقاب جماعي ممنهج.

وعليه، فإن صمت أو تردد المنظمات الدولية والدول الكبرى إزاء هذه الإبادة العمرانية والتاريخية يعد تواطؤاً غير مباشر. يجب على المجتمع الدولي الآن، ليس فقط تفعيل برامج الإغاثة الطارئة، بل العمل على: "الضغط الفوري لضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون قيود والتزام الاحتلال ببنود وقف إطلاق النار، وفتح تحقيق دولي مستقل وشفاف في جرائم تدمير البنى التحتية المدنية والمعالم التاريخية، وإطلاق خطة دولية طارئة لإعادة الإعمار، مع ضمان المساءلة لمنع تكرار مثل هذا العدوان في المستقبل".

ففي الوقت الذي دمر كيان العدو الصهيوني من لا تأريخ له ، التاريخ الفلسطيني، يصنع فيه أهل غزة "تاريخاً وبطولات جديدة تسجل للتاريخ القادم والأجيال القادمة"، يبقى عارُ هذه الكارثة الإنسانية والتاريخية على جبين كل من يملك القدرة على التحرك ويختار الوقوف متفرجاً.