• العنوان:
    بعد عامين من النار والحصار.. تُتَوَّجُ غَزَّةُ بالانتصار
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    ستبقى غَزَّةُ عنوانَ العطاءِ ورمزَ المقاومةِ وشاهدًا على سقوطِ الأقنعةِ والعناوينِ المخادِعة.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

***************************

                           

مرَّ عامان على جريمة القرن الوحشية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، تلك المنطقة ذات الجغرافيا الصغيرة جِـدًّا والتي صُبّتْ عليها عشراتُ آلافِ الأطنانِ المتفجِّرة. لم تُلقَ تلك القنابلُ المدمّـرةُ والخارقةُ للتحصيناتِ والمتَّسِمةُ بانفجاراتٍ هائلةٍ على منطقةٍ فارغةٍ أَو ساحةٍ بعيدةٍ مخصَّصةٍ لتجاربِ الأسلحةِ الفتاكة، ولم تكن موجَّهةً ضد بنيةٍ عسكريةٍ قويةٍ لدولةٍ عظمى، بل كانت ضد مساكنٍ عائليةٍ تؤوي عشراتِ الآلاف من الأطفال والنساءِ، وضد مستشفياتٍ ومدارسَ ومخابزَ وأسواق مكتظةٍ وخيامٍ مهترئةٍ تضمُّ في جنباتِها نازحينَ من آلةِ قتلٍ لا تعرفُ قوانينَ ولا تستندُ إلى أخلاقياتٍ؛ قائمةُ أهدافها: الأطفال والنساءُ والعُزّلُ من المدنيين، لا تلتزمُ بالضوابطِ الفطريةِ ولا بالمشاعرِ الإنسانية.

وللأسف، أن هذه الجريمة ارتُكِبت بحق شعبٍ عربيٍّ مسلمٍ ليس في منطقةٍ يستحيلُ الوصولُ إليها، بل في محيطِ أُمَّـة عربيةٍ ومسلمةٍ تمتلكُ جيوشًا جرارةً وإمْكَاناتٍ كبيرةٍ؛ ومع ذلك سكت الكثيرونَ، كأنهم صاروا صُمًّا وبُكْمًا وعُمْيًّا بعد أن استعرضوا عضلاتهم عقودًا من الزمانِ ضدَّ شعوبِهم وأبناء جلدِهم، ودعموا وغذَّوا الصراعَ بين أبناء جلدِهم. لكن عندما احتدمت المواجهةُ مع اليهودِ، واشتدت المحنة على إخوانهم أداروا ظهورَهم وتركوا الشعبَ الفلسطينيَّ في قطاعِ غزة يواجهُ الكيانَ الإسرائيليَّ المدعومَ من أعتى القوى على مستوى العالم. بل وصلت الوقاحةُ ببعضهم إلى إمدَاد الكيانِ المتوحِّشِ بالغذاءِ والسلاحِ في الوقتِ الذي يموتُ فيه أبناء غزة جوعًا بفعلِ الحصارِ المطبقِ. ومع ذلك صمدَ أهالي القطاعِ رغم المعاناةِ الطويلةِ الأمدِ ورغم الجوعِ والمأساةِ التي كانتْ كفيلةً بانهيار دولةٍ متكاملةِ الأركان.

لكن رغم ذلك خرج أبناء غزة منتصرين، متمسِّكينَ بخيارِ الجهادِ والمقاومةِ في مشهدٍ يعجزُ اللسانُ عن وصفِه، وبشموخٍ يناطحُ السحابَ؛ ولسانُ حالِهم يقولُ: «سَنُعْمِرُ وسَنَعُودُ»؛ والهدفُ ليس فقط شمالَ غزة أَو وسطَها أَو رفحَ، بل سنعودُ إلى حيفا ويافا وعكّا والقدسَ، ولن نبرحَ أرضَنا. يهزأونَ بالمجنزراتِ والمدرعاتِ وهي تجرُّ أذيالَ الخيبةِ؛ ويرقبونَ بكل فخر عودة أبنائِهم من سجونِ العدوّ الصهيوني.

نعم يا سادة، هي غزّةُ التي حطمتْ آمالَ الكيانِ، ستبقى عنوانَ التضحيةِ والصبرِ، وقبلةً للأحرار ومنهَجًا للثوّارِ. ستبقى هي عنوانَ العطاءِ ورمزَ المقاومةِ وشاهدًا على سقوطِ الأقنعةِ والعناوينِ المخادِعةِ. ستبقى غزّةُ مقبرةً للغزاةِ وموطنًا لأهلِها: «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أي مَنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ».