• العنوان:
    غزة.. صبرٌ يصنع النصر
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ ها قد أسدل الغبار آخر خيوطه على حربٍ دامت عامين كاملين، حربٍ أرادها العدوّ الصهيوني نارًا تحرق غزة، فإذا بها نورٌ يُضيء دروبَ الحرية للأُمَّـة كلها.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

نرفع اليوم رايات النصر عاليةً خفّاقة فوق جباه الأحرار، بعد عامين من الصمود الأُسطوري في وجه أعتى آلةٍ عسكريةٍ عرفها العصرُ الحديث.

توقفت الحرب في غزة، لكن بقيت بصمات العزّة والكرامة شاهدةً على فشل العدوّ الصهيوني في تحقيق أيٍّ من أهدافه، رغم ما حشده من دعمٍ غربيٍّ وأُورُوبيٍّ غير محدود، وتسليحٍ وأموال وتواطؤٍ عربيٍ مفضوح، كان على رأسه نظاما الإمارات والسعوديّة.

لقد انتصرت غزة بصبرها وإيمانها وثبات رجالها ومجاهديها الذين كتبوا بدمائهم ملحمةً من النور والبطولة؛ فكان النصر فضلًا من الله أولًا وآخرًا، ثم بفضل المقاومة الفلسطينية الباسلة التي جسّدت معنى الصمود والوفاء لدماء الشهداء، وأثبتت للعالم أن الحق لا يُغلب، وأن من اعتصم بالله لا يُهزم.

ولا يمكن أن يُذكر هذا النصر دون الإشادة بالموقف التاريخي للشعب اليمني العزيز، الذي كان السند الأقوى والأصدق قيادةً وشعبًا وجيشًا.

لقد وقف السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وقفةَ الرجال الصادقين، يقود معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس من موقع الإيمان والبصيرة؛ فكان الموقف منه موقفًا قرآنيًّا أصيلًا، جسّد معاني النخوة والولاء لقضايا الأُمَّــة، وخصّ فلسطين بمكانةٍ عظيمة في خطابه ومشروعه الجهادي.

لم يكن الدعم اليمني مُجَـرّد كلمات، بل ترجمةً عمليةً في الميدان عبر العمليات النوعية في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب والبحر العربي، وَأَيْـضًا بالعمليات النوعية في عمق الأراضي المحتلّة بالقوة الصاروخية والطيران المسيّر، التي أربكت العدوّ وكسرت هيبته، وأثبتت أن اليمن حاضرٌ في معركة الكرامة بكل ما أوتي من قوّةٍ وعزم.

ورغم الحرب الأمريكية المباشرة التي شُنّت على اليمن في جولتين عسكريتين واسعتين خلال معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، وقف هذا الشعب صامدًا كالطود، وصنع نصره بدمائه وصبره وشجاعته وإقدامه، حتى أذلّ أمريكا وحلفاءها، وكتب الله له النصر بقيادة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، حتى غدت صنعاء عنوانًا للموقف العربي–الإسلامي الشريف، وقلعةً للمساندة الحقيقية للمقاومة الفلسطينية.

كما كان الخروج الشعبي الأسبوعي لشعبنا اليمني العزيز لوحةً قرآنية تعبّر عن وعي الأُمَّــة ووحدتها في وجه الطغيان، ومصدرَ إلهامٍ لكل الأحرار في العالم.

ولا ننسى حزبَ الله في لبنان، وسماحةَ الشهيد السيد حسن نصر الله، الذي قدّم حياته في سبيل هذه القضية؛ فكان منارَةً للثبات ورمزًا للمقاومة والجهاد ووحدة المصير.

لقد كان حضوره -حيًّا وشهيدًا- شاهدًا على أن البندقية التي وُجّهت إلى صدر العدوّ منذ عقود لم تخمد ولن تُسقط رايتها، وأن محور الجهاد والمقاومة جسدٌ واحدٌ: إذَا اشتكى منه جزء تداعى له سائر الجسد بالهمة والفداء.

شكّل حزب الله خلال هذه الحرب عمقًا استراتيجيًّا للمقاومة، وفتح جبهةَ الشمال ليشتّت قوى العدوّ ويستنزف طاقاته، فأربك حساباته وأفشل مخطّطاته، وكان موقفه السياسي والعسكري والإعلامي تجسيدًا لوحدة الساحات والمصير.

إن الشهيد السيد حسن نصر الله سيبقى رمزًا خالدًا في ذاكرة الأُمَّــة، ورايةً للمجاهدين، وصوتًا للكرامة، يذكّرنا أن طريق القدس تُروى بدماء الأحرار، وأن من سار فيه صادقًا لا يُهزم ولو غاب جسده عن الدنيا.

اليوم.. تبتسم غزة رغم جراحها، وترفع فلسطين رأسها عاليةً، فقد سقطت هيبة العدوّ وانهار غروره، وبدأ فجر الأُمَّــة الجديد يشرق من بين الركام.

وتعلو رايات العزّة من غزة إلى صنعاء، ومن بيروت إلى طهران.

﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾

والحمد لله أولًا وآخرًا، ظاهرًا وباطنًا، الذي نصر عباده المؤمنين، وأعزّ المجاهدين والمقاومة، وأذلّ المعتدين، وجعل وعده الحق واقعًا في زمنٍ تكالبت فيه قوى الباطل على أُمَّـة الحق.