• العنوان:
    عندما ترفض الإرادَة أن تستجدي: قراءة في معادلة النصر الحقيقية بغزة
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    ليست ساحات المعارك وحدها هي التي تُكتب فيها الانتصارات، فثمة انتصارات أعمق تُسجَّل في صمود الشعوب وإرادتها، وتُختزل في موازين قوى قلبت المعادلة رأسًا على عقب.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

في غزة، حَيثُ اشتعلت المقاومة وانطفأت حسابات التطبيع والتخاذل، يُكتب فصل جديد من فصول الصمود، تُرسم معالمه إرادَة أبناء القطاع الذين رفضوا أن يكونوا رقمًا في معادلة الاستجداء.

لم تطرق غزة أبواب الدول، لا قطر ولا مصر ولا سواهما، لتبرم اتّفاقا، بل هي الدول من ذهبت إلى مقرات المقاومة، حاملة هَـمَّ "التهدئة".

هذه المفاوضات التي تدور في العواصم ليست سوى صدى لصواريخ المقاومة التي هزت كيان الاحتلال، وثمارًا لدماء الشهداء التي روَت أرض غزة.

إنه النصر بعينه: أن يُجبر الخصم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات؛ لا لأَنَّك طلبت؛ بل لأَنَّه لم يجد بديل من ذلك.

الكيان الصهيوني، بكل ما يملك من ترسانة عسكرية بدعم أمريكي ودولي، لم يستطع أن يحقّق أيًّا من أهدافه المعلَنة.

لم يحرّر أسيرًا واحدًا من قيود المقاومة، ولم يهجّر غزاويًّا عن أرضه بإرادته، ولم يحتل غزة.

كُـلّ ما فعله هو قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها، وحوّل المدارس والمستشفيات إلى ركام.

هذه ليست معايير النصر، بل هي سجل حافل بالجرائم ضد الإنسانية، تشهد عليها عدسات الكاميرات وضمائر العالم الحر.

صمود أهل غزة هو القلب النابض في هذه المعادلة.

عامان كاملان وهم يواجهون آلة حرب وحشية، لا بسلاح فحسب، بل بإيمان راسخ وروح لا تعرف الانكسار.

واجهوا الجوع والحصار والدمار الشامل، ولم يسمعوا من كثير من العرب والمسلمين سوى صمتٍ مطبق، بل وتآمرٍ صريح في بعض الأحيان.

أهل غزة لم يستسلموا، ولم يتراجعوا، بل كانوا السند الحقيقي والظهر القوي للمقاومة.

هذا هو النصر الحقيقي: أن تتحول المقاومة من فصائل مسلحة إلى مشروع شعب بأكمله، يرى فيها درعه الواقي وسيفه البتار.

وفي خضم هذا المشهد، تبرز اليمن شامخة، شعبًا وقيادةً وجيشًا، لترسل رسالة واضحة لا تحتمل التأويل.

رسالة إلى المقاومة وإلى أهل غزة: لن نغفل عنكم، ولن ننساكم.

أيادي قواتنا المسلحة على الزناد تراقب عن كثب وسنظل في الخندق نفسه، نساند وندعم، حتى تتحرّرَ كُـلّ فلسطين، من النهر إلى البحر.

فالنصر ليس مُجَـرّد كلمة تقال، بل هو إرادَة تُصنع في ساحات القتال، وفي قلوب الصامدين، وفي عزم الشعوب التي ترفض أن تكون تابعة.

وغزة تثبت يومًا بعد يوم أن زمن الهزيمة قد ولَّى، وأن شمس الحرية آتية لا محالة، ولو بعد حين.