• العنوان:
    ملت الأوراق من بيانات القمم
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    ملت الأوراق من بيانات القمم العربية، وضاقت السطور من حمل عبارات مكرورة ومكروهة، من الشجب والتنديد والدعوات إلى ضبط النفس!. باتت البيانات الختامية للقمم العربية، أشبه بمقابر للحبر، تُدفن فيها الكلمات كما تُدفن الأحلام، وتُسجَّل فيها المواقف الباردة التي لا تسمن الشعوب ولا تغنيها من جوع ولا من حصار.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

منذ عقود، والأمة على موعد مع بيانات تتشابه في صيغها، لا فرق بين بيان الأمس وبيان اليوم إلا في التاريخ المطبوع أعلاه. أمّا الجوهر فواحد: كلمات إنشائية تُصاغ بعناية لإرضاء الكاميرات، وإرسال رسالة وهمية للشعوب أن هناك "موقفًا عربيًا موحدًا"، بينما الواقع يكشف أن كُـلّ دولة تُدير ظهرها لأختها، وأن العدوّ الصهيوني ماضٍ في مشروعه دون أن يجد ما يردعه.

غزة اليوم، والقدس من قبلها، وساحات العرب جميعًا، تُحاصر بالنار والدم، بينما القاعات تُحاصر بالبيانات. العدوّ يفهم لغة القوة وحدها، بينما القمم العربية لم تبرح مربع "اللغة الدبلوماسية" التي تحولت إلى غطاء للاستسلام والعجز. إن الشعوب لم تعد تثق بتلك الطاولات المزخرفة، ولا بتلك القاعات التي يتكدس فيها الزعماء لالتقاط الصور الجماعية، ثم ينفضّون بلا أثر يُذكر.

الأوراق ملت، بل باتت تضج من هدر حبر الذل والهوان الذي يُهدر فوقها. كيف لا، وهي ترى نفسها تُلوَّث بمواقف تخذل فلسطين، وتخذل اليمن ولبنان وسوريا والعراق، وتُعطي الضوء الأخضر للعدو ليمضي في سياساته دون خوف أَو حساب؟

لقد أدركت الشعوب أن التحرير لا يُكتب في أوراق المؤتمرات، ولا في بيانات تُقرأ على عجل في ختام القمم، وإنما يُصنع على الأرض: في خنادق القتال والمواجهة المباشرة، وعلى أكتاف الأحرار، وفي وعي الجماهير التي لم تنخدع بزيف الإعلام ولا بأوهام "المجتمع الدولي".

وإذا كان القادة قد اختاروا لغة البيانات المفرغة، فإن الشعوب اختارت لغة الفعل: المظاهرات التي تهتف للقدس وغزة، الدماء التي تُسفك دفاعًا عن الكرامة، والوعي الذي يتسع يومًا بعد يوم بأن الصمت الرسمي خيانة، وأن الحق لا يُسترد إلا بالجهاد في سبيل الله بقبضات الرجال وسواعد المقاومة الحرة.

وقفة الوعي اليوم تقتضي أن نعلن بوضوح: لقد انتهى زمن الخداع، وانتهى زمن الرهان على القمم العربية. فإما أن يكون هناك موقف حقيقي يوقف العدوان ويردع العدوّ، وإما أن تظل تلك القمم مُجَـرّد مسرحيات مكرورة لا يصفق لها أحد، إلا من أراد أن يعيش في الوهم.

الشعوب لم تعد تنتظر. الشعوب تصنع طريقها، وتكتب بياناتها بدمها وصمودها، وتُلقن القمم درسًا أن العروبة ليست شعارًا يُعلّق على جدران القاعات، بل موقف يُدافع عنه في كُـلّ الميادين.


تغطيات