• العنوان:
    معربوني: دخول اليمن على خط المواجهة صدمة استراتيجية قلبت التقديرات الأمريكية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    كشف الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني العميد عمر معربوني، عن مؤشرات تُنذر بعملية جديدة قد تعلن عنها القوات المسلحة اليمنية خلال الساعات القادمة، مشيرًا إلى أن ما يجري هو حلقة في سلسلة المعركة الكبرى التي أعادت صياغة معادلة الردع الإقليمي منذ السابع من أكتوبر 2023".
  • كلمات مفتاحية:

وقال معربوني في لقاء مع قناة المسيرة، صباح اليوم الأربعاء، إنّ صفارة الإنذار في أمّ الرشراش قد تكون نتيجة إطلاق صاروخ أو طائرة مسيرة يمنية، مضيفًا أن التطورات الراهنة تأتي في الذكرى الثانية لمعركة طوفان الأقصى، والتي مثّلت نقطة تحوّلٍ جوهرية في تاريخ الصراع العربي–الصهيوني، وارتبطت باندلاع "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدّس" ضمن جبهة الإسناد اليمنية.

وأشار إلى صراع فكري لا يزال قائمًا حتى اليوم بين اتجاهين متناقضين في تفسير طوفان الأقصى، الاتجاه الأول، يرى في العملية "مغامرة أو انتحار سياسي وعسكري"، متكئًا على روايات غربية أو عربية مرتبطة بالعدو الصهيوني أو بأدواته الإعلامية، أما الاتجاه الثاني، فيعتبر ما حدث واجبًا دينيًا وأخلاقيًا وإنسانيًا، مفروضًا على كل من يواجه الاحتلال، مستندًا إلى العقيدة القرآنية التي تحث على مقاومة الظلم والانتصار للمستضعفين.

وأوضح الخبير العسكري أن اليمن كان في طليعة الدول والشعوب التي تبنّت هذا الاتجاه الثاني منذ اللحظة الأولى، إذ دخل على خط الإسناد المباشر لغزة سياسيًا وعسكريًا وشعبيًا، ليترجم انتماءه الإيماني والإنساني في الميدان لا في الخطاب، مبيناً أن معركة طوفان الأقصى تمثّل المفاجأة الاستراتيجية الثانية في تاريخ الصراع مع الكيان، بعد حرب تشرين 1973، التي أعادت حينها الاعتبار للمبادرة العربية في القتال.

وشدّد العميد معربوني على أنّ دخول اليمن في المعركة ضد الكيان، ضمن جبهة الإسناد، كان المفاجأة الاستراتيجية الثالثة والأكبر، سواء على مستوى التقديرات العسكرية أو الحسابات السياسية، مضيفاً أنه لم يكن أحد في تل أبيب أو واشنطن أو حتى في العواصم الغربية يتوقع أن يدخل اليمن بهذه القوة والزخم إلى خط المواجهة، وأن يمتلك الجرأة والإرادة لفرض معادلة بحرية وجوية بهذا الحجم، حيث وهذا الدخول غير المسبوق "شكّل صدمة للعدو"، وغيّر مسار التقديرات الأمريكية التي كانت تراهن على أن اليمن "لن يتجاوز حدود بيانات الدعم".

ووصف الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني، التجربة اليمنية بأنها نموذج نادر في العصر الحديث لتكامل ثلاث أدوات صراع في منظومة واحدة، الأداة الشعبية، المتمثلة في الوعي الجماهيري والمشاركة الواسعة في دعم القضية الفلسطينية، والأداة السياسية، التي تدير المعركة بتوازنٍ بين الدبلوماسية والقرار الميداني، والأداة العسكرية، التي تجاوزت قدرات الجيوش التقليدية من حيث الإبداع التقني والفعالية العملياتية.

وأكد أن هذا التكامل جعل اليمن قوة إسناد نوعية في المعركة، ليس فقط بفضل سلاحه، بل بسبب أثره المعنوي والنفسي في إرباك العدو، وبثّ الذعر في عمق الكيان، معتبراً أن هذا الإرباك هو أخطر من الخسائر المادية نفسها، لأنه يضرب الروح المعنوية للمجتمع الصهيوني الذي يعيش عقدة الوجود والخوف المستمر.

ولفت العميد معربوني إلى أن وصول الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والمسيرات اليمنية إلى فلسطين المحتلة كان الحدث المفاجئ الأكبر، لأنه يعكس قدرة عالية على تطوير أدوات قتال متقدمة محليًا، رغم الحصار والعدوان الممتدة منذ نحو عقد، مبيناً أن هذه الصواريخ تقطع أكثر من ألفي كيلومتر، وتخترق أجواء مراقبة من أكثر الشبكات الدفاعية تعقيدًا في العالم، مشيرًا إلى أن القوات اليمنية تمكنت من "تجاوز أنظمة الرصد الأمريكية والصهيونية والغربية، وهو إنجاز تقني غير مسبوق في تاريخ المواجهة غير المتكافئة، منوهاً إلى استخدام صواريخ برؤوس متعددة، وهي تقنيات تمتلكها عادةً فقط الدول الصناعية الكبرى، معتبرًا ذلك قفزة نوعية تعكس تطور الصناعات العسكرية اليمنية ذاتيًا دون اعتماد على الخارج.

وتطرق الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني، إلى الجانب البحري من المواجهة، مؤكدًا أن ما حققته القوات البحرية اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن "يتجاوز مفهوم العمليات الدفاعية إلى إعادة تعريف مفهوم السيادة البحرية الإقليمية، موضحاً أن القوات اليمنية نجحت في فرض معادلة ردع حقيقية أجبرت سفنًا تجارية وعسكرية تابعة للعدو ولحلفائه على الانسحاب أو تغيير مساراتها، مضيفًا أن المواجهات التي خاضتها صنعاء ضد السفن الحربية الأمريكية وحاملات الطائرات كانت لحظة فارقة، دفعت واشنطن إلى إعادة تموضع قواتها بعيدًا عن مسرح العمليات.

وذكر أن إجبار ثلاث مجموعات بحرية أمريكية على مغادرة المنطقة يمثل سابقة عسكرية لم تتحقق منذ عقود، مشيرًا إلى أن هذه التجربة ترسم ملامح توازن بحري جديد لم يكن في حسابات الغرب، مبيناً أن ما يجري اليوم في اليمن وغزة يعد خارطة طريق للمستقبل، وأن العالم يشهد ولادة محور جديد يملك الإرادة والقدرة على فرض معادلات الردع خارج المعايير التقليدية، مؤكداً أن اليمن اليوم لا يدافع عن فلسطين فحسب، بل يدافع عن مفهوم العدالة والسيادة في مواجهة الغطرسة الأمريكية والصهيونية، وإذا استمرت هذه الروح وهذه المعادلة، فإننا أمام تحوّل تاريخي سيُعيد رسم ميزان القوى في المنطقة لعقود قادمة.