• العنوان:
    طوفان إلى الحد الأقصى
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    طوفان الأقصى.. الأكاديمية التاريخية في الجِهاد والمقاومة والبُوصلة الرئيسية للفتح الموعود.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

**********************

                   

في الذكرى الثانية لانطلاق (طوفان الأقصى) المبارك في السابع من أُكتوبر 2023، سأحاول أن أقف بإجلال وإكبار أمام بعض من آيات واستراتيجيات هذا الطوفان الاستثنائي الكبير، ونرشف بعضًا من رحيقه المختوم ونتعلم من أكاديميته الإيمانية بعضًا من التقنيات الفنية والاستراتيجية الرادعة، والتكتيكات والخطط البطولية.

حقًّا، فلم يكن "طوفان الأقصى" مُجَـرّد عملية عسكرية عابرة، أَو رد فعل عشوائي على استفزازات محدّدة، لا، ليس كذلك.

لقد تجاوز الدفاع والردع والمقاومة ليصبح أكاديمية تاريخية كاملة وواسعة، تُدرَّس فيها أسمى دروس النضال والكفاح والجهاد والمقاومة، وتُعيد تعريف معنى القوة، وتغيّر الموازين والمعادلات، وترسم الاستراتيجيات العالمية.

لقد مثّل الطوفان نقطة تحول فارقة، ليس في مسار المقاومة الفلسطينية فحسب، بل أسس لاستراتيجية متجذرة لكل الأحرار المقاومين للطغاة والمستكبرين، وفهم منطق الصراع معهم، وإطالة مكرهم، وتطهير الأرض من دنس الأطماع الأمريكية الغربية والغاصب المحتلّ الصهيوني.

ونتعلم في مدرسة الطوفان:

أولًا: كيف نكسر الأساطيرَ الاستعمارية والهالات الإعلامية بالعزائم الثابتة والإرادات التي لا تلين

على مر عقود من الزمن، بنت إسرائيل بمساعدة إعلامية غربية جدارًا من "الرهبة" حول جيشها وأجهزتها الأمنية، وروجت لأُسطورة "الجيش الذي لا يُقهر" و"الدولة التي لا يُنفذ إلى أمنها".

ثم جاء طوفان الأقصى ليمزق هذه الأُسطورة إربًا، وأثبت أن العزيمة والإرادَة الإيمانية، والتخطيط المحكم، والسرية المطلقة، قادرة على اختراق أكثر الأنظمة أمانا، وبرهن أنه لا وجود لأُسطورة لا يمكن تحطيمها، ولا حصانة لقوة تمتهن الإجرام وتستعبد الشعب وتستبيح الأرض.

ثانيًا: استعادة الحقوق والعيش بكرامة واستقلال:

في ذروة خضم مسارات التطبيع والتفاوض العقيم، ومحاولة بعض القوى والخونة دفن القضية الفلسطينية أَو تحويلها من قضية تحرّر وطني إلى مُجَـرّد قضية إنسانية، أعاد الطوفان القضية إلى مربعها الأَسَاسي: إنها قضية احتلال ومقاومة، وأعاد المركزية الحقيقية للقضية الفلسطينية كقضية جميع الأحرار في العالم.

ثالثًا: فن إدارة المعركة غير المتكافئة

قدم طوفان الأقصى نموذجًا ملهِمًا في كيفية إدارة معركة تكون فيها موازين القوة المادية مائلة بشكل هائل لصالح العدوّ.

فاستخدم عنصر المفاجأة الاستراتيجية من خلال التخطيط طويل الأمد مع الحفاظ على السرية المطلقة، وَأَيْـضًا الابتكار التكتيكي باستخدام أدوات بسيطة نسبيًّا لتحقيق أهداف استراتيجية كبرى، وأساليب الصمود تحت النار وتحمل أعنف الحملات العسكرية على المناطق ذات الكثافة السكانية مثل قطاع غزة.

رابعًا: بناء وحدة الساحات المقاومة

لقد أثبت الطوفان أن القدس وغزة والضفة المحتلّة وداخل الأراضي المحتلّة عام 48، هي ساحة نضال واحدة.

لم يكن العمل منعزلًا، بل كان تعبيرًا عن وحدة المصير والنضال.

لقد جسد شعار "اتحدوا تنتصروا" على أرض الواقع، حَيثُ شعر كُـلّ فلسطيني، أينما كان، بأنه جزء من هذه المعركة المصيرية.

خامسًا: القوة الناعمة والإعلام

وكيفية مواجهة الآلة الإعلامية: الضخمة.

برزت قوة الرواية الفلسطينية؛ كانت كاميرات الهواتف ونقل الحدث مباشرة سلاحًا مقاومًا لا يقل أهميّة.

فقد كسر طوفان الأقصى حاجز التعتيم الإعلامي، وواجه الرواية الإسرائيلية الزائفة بالصورة والصوت والحقيقة المباشرة؛ مما حشد تعاطفًا عالميًّا غير مسبوق مع القضية الفلسطينية.

وكيف انبرت ونهضت جبهات الإسناد الإيمانية في لبنان واليمن والعراق وإيران، وتحقّقت التأثيرات المباشرة على العدوّ الأمريكي والصهيوني، مع الثبات والصمود والتكتيك الاستراتيجي، وتحقيق الإنجازات التي تحتاج إلى تحضير أكاديمي واسع وطويل.

الخاتمة:

ليعلم العدوّ أن طوفان الأقصى لم ينتهِ بيوم السابع من أُكتوبر، بل أصبح أكاديمية مفتوحة، تخرج منها وستخرج أجيال من المقاومين والأحرار في العالم أجمع.

عنوانها: كيف ينتصر الدم على السيف، وأن الحق لا يموت، وأن زمن القوة الغاشمة ولى، وحل محله زمن إرادَة الشعوب، وثقة الأُمَّــة بنفسها، وبوعد الله لها بقوله: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخرة...).

وأن الكرامة والحقوق لا تُوهب، بل تُنتزع انتزاعًا، وأن الجهاد والمقاومة، في نهاية المطاف، هما الطريق الوحيد والبوصلة الأولى إلى الحرية.


تغطيات