• العنوان:
    ماذا صنعت أيها الطوفان؟!
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في تاريخ الأمم، هناك أَيَّـام لا تُقاس بشروق شمسها أَو غروبها، بل بما تُحدثه من زلزال في الوعي، وما ترسمه من خطوط فاصلة بين الحق والباطل. والسابع من أُكتوبر هو يوم من هذا الطراز.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

إنه ليس مُجَـرّد تاريخ، بل هو يوم الفرقان الذي ميز الخبيث من الطيب، وكشف الأقنعة، وأعاد برمجة الأحداث وفق معيار فاضح اسمه "الكرامة".

فماذا صنعت أيها الطوفان العظيم؟ لقد أفشلت المؤامرة.

فبعد أن كادت قضية فلسطين أن تُغلق في ملفات النسيان، وتُقيّد ضد مجهول، جاء الطوفان ليخرجها من القبر، ويعيدها إلى صدارة المشهد العالمي، ليس كقضية إنسانية تستجدي العطف، بل كقضية تحرّر تفرض احترامها.

لولاك، لكان علم الكيان الغاصب يرفرف اليوم في سماء معظم العواصم العربية، ولكانت الكثير من "الأنظمة العربية" قد أكملت فصول خيانتها المعلنة.

لقد فضحت النفاق.

فبعد أن كان المنافقون يشككون في جدوى المقاومة، ويسألون بسخرية: "لماذا لا تذهبون لقتال (إسرائيل)؟"، جاء الطوفان ليضع الجميع أمام اختبار الحقيقة.

وحين تحَرّكت جبهات الإسناد، من اليمن إلى لبنان والعراق، علت أصواتهم من جديد، لكن هذه المرة بالتثبيط والإرجاف: "ما لنا ولغزة؟ لماذا نقحم أنفسنا في حرب لا تعنينا؟".

لقد فضح الطوفان، كما فضحت غزوة تبوك المنافقين من قبل، أن من يرضى بالقعود أول مرة، سيقعد عن كُـلّ مرة.

لقد وحّدت الأُمَّــة. ففي اللحظة التي اصطف فيها محور المقاومة، بجناحيه السني والشيعي، في خندق واحد ضد العدوّ الصهيوني وداعميه، رأينا كيف اجتمع النفاق والكفر في الجبهة المقابلة.

لقد سقطت كُـلّ الأوراق التي خلطها الشيطان لتمزيق الأُمَّــة طائفيًّا، وتجلت حقيقة الصراع: إيمانٌ كله في مواجهة كفرٍ كله.

لقد أعدت تعريف القوة. ففي فجر ذلك اليوم، لم يكن أُولئك الرجال مُجَـرّد نخبة عسكرية، بل كانوا نخبة إيمانية، قناديل قرآن تسير على الأرض. انطلقوا نحو النصر، وأذلوا جيشًا تباهى بقوته، وحطموا أُسطورته في ساعات.

لقد أصبح السابع من أُكتوبر قصة رعب تُروى لكل صهيوني، ويومًا يستيقظ فيه المحتلّ على زغاريد الرصاص لا العصافير.

واليوم، بعد عامين، نقف إجلالًا لأُولئك الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

ونقف إجلالًا لشعب تصالح مع الموت على ألا يموت إلا واقفًا.

ونقف إجلالًا لليمن الذي قال للعالم إن باب المندب يُغلق في وجه العدوّ الصهيوني وداعميه، وإن غزة ليست وحدها.

فهنيئًا لأحرار أمتنا هذه الذكرى العظيمة.

وهنيئًا لنا هذا الطوفان المبارك الذي أعاد الحياة إلى فلسطين، وأعاد الكرامة إلى أُمَّـة كادت أن تفقدها.

ولا نامت أعين الجبناء.


تغطيات