ما حدث في 7 أُكتوبر.. وقائع سريعة مؤثرة

في صباح ذلك اليوم انطلقت عمليةٌ واسعة من قطاع غزّة شملت إطلاق آلاف الصواريخ واقتحاماتٍ برّية وجويّة باستخدام وسائل غير تقليدية، تخلّلتها هجماتٌ على مستوطناتٍ وقواعدَ عسكرية، ووقعت خلالها عملياتُ أسرٍ لمستوطنين وعسكريين، لتُطلق شرارةَ حربٍ شاملة.

أعقب ذلك العدوانُ الإسرائيليّ العنيف، وتلاه حصارٌ وقصفٌ واسع في غزّة، ثمّ تطوُّعاتٌ إقليمية واشتباكاتٌ على محاورَ متعدّدة.

هذه الوقائع لم تعد حدثًا محلّيًّا بل بوّابةً لصراعٍ إقليميٍّ متصاعد.

فضيحة المواقف الرسميّة

كان من نتاج السابع من أُكتوبر أن تبيّن للجميع أن كَثيرًا من الخطابات الرنّانة حول "قضية العرب الأولى" كانت موسيقى فارغة: حكوماتٍ جاثمةً على مصالحها، تتعامل تجاريًّا واستخباراتيًّا مع الطرف المقابل، وتكتفي ببياناتٍ تُفرّغ الحدث من أثره.

هذا التناقض بين كلام الزعماء وفعل الأنظمة زاد من سخط الشارع، ودفع الشعوب إلى مقارنة الأقوال بالأفعال.

(يمكن للقارئ أن يرى بوضوحٍ كيف تباينت مواقف الحكومات عن مواقف الشعوب في ساحات الاحتجاج حول العالم).

مقاومةٌ تصنع الوجود وتعيد الحسابات

في المقابل، أعاد السابع من أُكتوبر إثبات حقيقةٍ جوهرية: أن المقاومة ليست مُجَـرّد شعارٍ أَو ذكرى، بل فعلٌ يغيّر الوقائع.

لقد ولّدت المواجهةُ قوائمَ جديدةً من المواقف، وأجّجت التلاحم الشعبي، وأخضعت أدوات القوة التقليدية لامتحانٍ قاسٍ.

المقاومةُ التي خاضت المعركة أعادت تعريفَ الكرامة والحرية بالنسبة لأجيال لم تَعُد تقبل المقايضة.

الدرس الأخلاقي والسياسي

كشف سابع أُكتوبر أن المصافحة التجارية أَو الاتّفاقيات الدبلوماسية لا تُقدّم حلولًا معنويةً أَو إنسانيةً حين تُقارن بآلام الشعوب التي تُحاصر وتُقصف.

وقد دفع ذلك قطاعاتٍ واسعةً من الشعوب حول العالم إلى إظهار تضامنٍ فعليّ، بينما فضّل بعضُ الأنظمة مآربَ المصالح على نصرة المظلوم.

ماذا يعني المستقبل؟

الطوفانُ الذي بدأ في 7 أُكتوبر لم ينتهِ بزمنٍ قصير، بل أدخل المنطقة في فصولٍ جديدةٍ من الصراع وإعادة ترتيب التحالفات.

ومع كُـلّ يومٍ تمرّ فيه الأزمة، تتبلور موازينُ جديدة: شعبيّاتٌ تتقوّى، وقياداتٌ تُختبر، ومعاركُ تتبدّل فيها الأولويّات.

الأكيدُ أن مآلات التاريخ لا تُكتب بخطابات القمم فحسب، بل بأفعال الناس وثبات المجاهدين والضمير العالميّ الذي بدأ يوقظ نفسه من سباته.

ختامًا: السابعُ من أُكتوبر كبوصلةٍ لا تنحرف

كان السابع من أُكتوبر امتحانًا قاسيًا، لكنه كشف حقائقَ أَسَاسية: من مع القضية، ومن تخلّى عنها، ومن آن له أن يُراجع مواقفه.

ما تبقّى الآن هو اعتبار الدرس: أن النصرةَ تحتاج عملًا مُستمرّا، وأن استمرار الصمود يتطلّب من الأُمَّــة وحدةً فعليةً لا مُجَـرّد كلام.

وسيحاسب التاريخُ من اختار الفرار من المسؤولية.

وفي النهاية، سيبقى السابعُ من أُكتوبر علامةً فارقةً في ذاكرة الأُمَّــة: يومٌ فضح المستور، وبيّن من خاض المعركة، ومن لبس رداء الخنوع.